ولا نأتي ببهتان نفتريه من بين أيدينا وأرجلنا ، ولا نعصيه في معروف ، فإن وفيتم فلكم الجنّة ، وإن غشيتم من ذلك شيئا فأخذتم بحدّه في الدنيا فهو كفّارة له ، وإن سترتم عليه إلى يوم القيامة فأمركم إلى الله عزوجل ؛ إن شاء عذّب ، وإن شاء غفر (٦). وسمّيت هذه البيعة ببيعة العقبة الأولى).
٢ ـ البيعة الثانية الكبرى بالعقبة
روى كعب بن مالك وقال :
خرجنا من المدينة للحجّ وتواعدنا مع رسول الله (ص) العقبة أواسط أيّام التشريق ، وخرجنا بعد مضيّ ثلث الليل متسلّلين مستخفين حتّى اجتمعنا في الشّعب عند العقبة ونحن ثلاثة وسبعون رجلا وامرأتان ، فجاء رسول الله (ص) ومعه عمّه العبّاس ، فتكلّم رسول الله (ص) فتلا القرآن ودعا إلى الله ورغب في الإسلام ثمّ قال :
«أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون نساءكم وأبناءكم» فأخذ البراء بن معرور بيده ثم قال : نعم والّذي بعثك بالحقّ لنمنعنّك مما نمنع به أزرنا (٧) ، فبايعنا يا رسول الله فنحن والله أهل الحروب ....
فقال أبو الهيثم بن التيّهان : يا رسول الله إنّ بيننا وبين الرجال حبالا ، وإنّا قاطعوها (يعني اليهود) فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك ثمّ أظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا؟ فتبسّم رسول الله (ص) ثمّ قال : «بل الدم الدم والهدم الهدم ...» أي : ذمّتي ذمّتكم وحرمتي حرمتكم.
وقال رسول الله (ص) : «أخرجوا إليّ منكم اثني عشر نقيبا ليكونوا على قومهم بما فيهم». فأخرجوا منهم اثني عشر نقيبا ؛ تسعة من الخزرج وثلاثة بن الأوس ، قال رسول الله (ص) : «أنتم على قومكم بما فيكم كفلاء ككفالة
__________________
(٦) سيرة ابن هشام ٢ / ٤٠ ـ ٤٢.
(٧) أزرنا : نساؤنا ، والمرأة يكنّى عنها بالازار.