لا في حدوث وجود آخر (فانه يقال) : الأمر وإن كان كذلك إلا أن العرف حيث يرى الإيجاب والاستحباب المتبادلين فردين متباينين لا واحد مختلف الوصف في زمانين لم يكن مجال للاستصحاب
______________________________________________________
بحسبه (١) (قوله : وان كان كذلك) يعني أن الاستحباب من مراتب الوجوب حقيقة لكنه مباين له عرفا ، والمعيار في جريان الاستصحاب الوحدة العرفية ولو مع التعدد عقلا. ثم ان ما ذكره المصنف (ره) من كون الاستحباب من مراتب الوجوب هو المشهور ظاهراً ، ولكنه لا يخلو من تأمل ، إذ لازمه كون اجتماع عناوين مستحبة موجباً لوجوب المعنون مع أن بطلانه ضروري. مضافا إلى أن المرتكز في أذهان العقلاء كون جواز الترك في المستحبات وعدم جوازه في الواجبات من جهة الترخيص وعدمه لا لضعف الطلب وتأكده. نعم يبقى الإشكال في إمكان الجمع بين طلب الفعل ولو كان ضعيفاً والترخيص في الترك ، ولعل الوجه فيه أن الطلب مع عدم الترخيص يكون بداعي احداث الداعي العقلي من حيث ترتب الثواب على الموافقة والعقاب على المخالفة معاً ومع الترخيص يكون بداعي احداث الداعي العقلي من حيث ترتب الثواب فقط لأن الاذن انما تنافي العقاب لا غير ، وأما وجه عدم التنافي بين الإرادة الحقيقية والترخيص فهو الّذي تقدم في بيان عدم تضاد الأحكام الظاهرية والواقعية. فتأمل جيداً (٢) (قوله : لا واحد مختلف الوصف) يعني ليست صفتا الوجوب والاستحباب القائمتان بالطلب من قبيل الأحوال المتبادلة على الموضوع الواحد عرفا بل من قبيل المقومات للموضوع بحيث يتعدد تبادلها فلا مجال للاستصحاب لاعتبار اتحاد الموضوع فيه عرفا «أقول» : بعد ما عرفت من تباين الوجوب والاستحباب ارتكازاً فالظاهر أن منشأ اعتبار الوجوب طلب الشيء مع عدم الاذن في تركه ومنشأ اعتبار الاستحباب طلب الشيء مع الاذن في تركه فإذا علم بارتفاع الوجوب فعلم بجواز الترك وشك في بقاء الطلب لم يكن مانع من استصحاب بقائه فيثبت الاستحباب ، نظير ما تقدم من أن الجمع بين أدلة التكاليف وأدلة رفع القلم عن