وباختصار فإننا لو أمعنا النظر لعلمنا بأنّ مجموع عالم الوجود موجود واحد متصل ومترابط ، وعلى الرغم من كل تنوعاته وكثرة قوانينه المؤثرة فيه فهو واحد ، وهذا الموجود الواحد يفيض من الوجود الإلهي الواحد ، وهذا المخلوق الواحد له خالق واحد.
والبعض الآخر الذين شكّكوا في شمول القدرة الإلهيّة قالوا : لو افترضنا أنّ الله تعالى على كل شيء قدير ، لواجهنا تعارضاً في بعض الحالات لا نستطيع حلّه.
فمثلاً تساءَل البعض : هل يستطيع الله تعالى أن يخلق موجوداً مثله!؟ فإن قلتم : نعم ، لكان تعدد الآلهة ممكناً! وإن قلتم : لا ، فقدرته محدودة!.
أو يتساءل : هل يقدر الله تعالى أن يُدخل جميع هذا العالم الواسع ، وبجميع كراته وكواكبه في بيضة ، من غير أن يصغر العالم أو تكبرُ البيضة؟! فإن قلتم : بلى ، فغير مقبول ، وإن قلتم : لا ، فقد أقررتم بعجزه ـ سبحانه ـ.
أو : هل يستطيع الله تعالى أن يخلق موجوداً لا يقدر على إفنائه!؟ أيَّما الطريقين انتخبتم فقد أقررتم بعجزه ، والكثير من هذه الأسئلة.
إنّ مصدر اشتباه هؤلاء هو عدم إلمامهم بالمسائل الفلسفية ، وغفلتهم عن هذه الحقيقة الواضحة ، وهو أنّه عندما يدور الحديث حول «القدرة» ، فمعناه القدرة على الامور الممكنة ، لأنّ القدرة لا تشمل المستحيلات لأنّها لا شيء.
توضيح ذلك : إنّ معنى تساؤلنا عن اقتدار الله تعالى على شيء معين أحياناً ، هو كون ذلك الشي من الممكنات ، وقصدنا إكساؤه حُلة الوجود بالقدرة الإلهيّة ، أمّا لو كان ذلك الشي مستحيلاً ذاتاً فإن تساؤلنا عن إمكانية إيجاده غير صحيح بتاتاً ، ولا معنى له أبداً. وهذا مايُسمَّى بالسؤال المتناقض.
كأن يكون لدينا عشرون برتقالة ونريد توزيعها على أربعين شخصاً ، بحيث يحصل كل واحدٍ منهم على واحدة!؟ فهل يُمكن ذلك؟
فالسؤال المطروح متناقض بحدّ ذاته وغير صحيح ، لأنّ قولنا عشرون برتقالة يعني أنّها ليست أربعيناً ، وقولنا : إنّ أربعين شخصاً يحصل كل واحدٍ منهم على برتقالة ، معناه وجود