ب) ما قيل بخصوص قاعدة (الواحد لا يصدر منه إلّاالواحد) لا يصح تطبيقه على الفاعل المختار بنظر بعض المحققين.
لذا فقد طرح المرحوم «العلّامة الحُلي رحمهالله» هذه المسألة في «كشف المراد» بشكل أمر بديهي وقال : «المؤثّر إن كان مختاراً جاز أن يتكثّر أثره مع وحدته ، وإن كان موجباً فذهب الأكثر إلى استحالة تكثُّر معلوله» (١).
وعليه فقد جعل (الفاعل الموجَب) مركز بحثه لا (الفاعل المختار) ، ثم نقل استدلال القائلين بوحدة الأثر في الفاعل الموجب ورَدّهُ (٢).
والحقيقة أنّه لا يوجد أي دليل على شمول القاعدة المذكورة للفاعل المختار ، فهو مجرّد ادعاء محض.
ج) بغض النظر عن جميع ذلك فإنّ قانون «السنخيّة بين العلّة والمعلول» محل إشكال حتّى في غير الفاعل المختار ، لأنّه لو كان المراد من السنخية هو السنخّية والتشابه من جميع الجهات ، فهو مستحيل التحقق بين «واجب الوجود» و «ممكن الوجود» ، فالممكنات مهما تكن فهي متباينة مع واجب الوجود في جهات كثيرة ، فلو اشترطنا السنخيّة التامّة وفي جميع الجهات ، فكيف يمكن أن يخلق وجود غير مادي موجودات ماديّة؟
ولو كان المراد منها السنخيّة الإجماليّة ، فهي متحققة بين الخالق والموجودات المتكثّرة والمتعددة ، لأنّها جميعاً تشترك في الوجود والكمال النوعي الذي يُعَدُّ قطرةً من بحر كمال الله اللامحدود.
د) علاوة على جميع ما ذكرنا يُمكن القول : إنّ الكون نسخ واحدٌ لا أكثر على الرغم من احتوائه ظاهراً على موجودات متعددة ومتكثّرة ، وبتعبيرٍ آخر ، فإنّ عالم التكوين كبحر عظيم لامحدود توجد على سطحه أمواج ، وهذه الأمواج والتعرجات بمثابة تلك الموجودات المتعددة والمتكثّرة ، والمقصود هنا عالم الوجود ، لا الذات الإلهيّة المقدّسة.
__________________
(١) كشف المراد ، ص ٨٤.
(٢) المصدر السابق.