وبتعابير غنيّة وعميقة ، لذا فقد ورد في بعض الأحاديث الإسلامية المنقولة عن الإمام علي بن الحسين عليهالسلام ، أنَّهُ سُئِلَ عن التوحيد فقال : «إنّ الله عزوجل علم أنّه يكون في آخر الزمان أقوام متعمقون ، فأنزل الله تعالى : سورة «قل هوالله أحد» ، والآيات من سورة الحديد إلى قوله : «وهو عليم بذات الصدور» (١).
والآية التي يدور بحثنا حولها هي إحدى الآيات الست المذكورة.
قال تعالى : (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَىءٍ عَلِيمٌ).
اختلف المفسرون حول المقصود من (الأول) و (الآخر) ، ولكن تعابيرهم قريبة من بعضها :
فقد قال البعض : هو الأول من غير ابتداء ، والآخر من غير انتهاء.
وقال البعض الآخر : هو الأول في التكوين ، والآخر في اعطاء الرزق.
وقال جماعة : هو أوّلُ الأولين ، وآخر الآخرين.
وقال آخرون : هو الأول بأزليته ، والآخر بأبديته.
وقال البعض الآخر : هو الأول بالخير والإحسان ، والآخر بالعفو والمغفرة (٢).
ولكن على أيّة حال فإنّ مفهوم الآية واضح ، والمقصود من الأول هو كونه أزلياً ، ومن الآخر هو كونه أبديّاً ، لذا فقد ورد في نهج البلاغة : «لم يزل أوّلاً قبل الأشياء بلا أوليّة ، وآخراً بعد الأشياء بلا نهاية» (٣).
وكذلك ورد في خطبة الأشباح : «الأول الذي لم يكن له قبلُ فيكون شيء قبلهُ والآخر الذي ليس له بَعدُ فيكون شيء بعدَهُ» (٤).
وفي حديثٍ نبوي أنّه صلىاللهعليهوآله قال : «اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء ، وأنت الآخر فليس بعدك شيء» (٥).
__________________
(١) اصول الكافي ، ج ١ ، ص ٩١ باب النسبة ، ح ٣.
(٢) تفسير مجمع البيان ، ج ٩ ، ص ٢٣٠.
(٣) نهج البلاغة ؛ عن تفسير نور الثقلَين ، ج ٥ ، ص ٢٣٧. ويحتمل أن يكون في بعض النسخ الخطية.
(٤) نهج البلاغة ، الخطبة ٩١.
(٥) تفسير القرطبي ، ج ٩ ، ص ٦٤٠٦.