الأصنام أكفاء له وشركاء ، في الوقت الذي نفت الآيات التي سبقتها مذهب اليهود والنصارى الذين جعلوا له ولداً ، ومذهب المجوس الذين كانوا يعتقدون بإلهين (إله النور وإله الظلام) (١).
وفي الآية الخامسة نواجه تعبيراً جديداً في هذا المجال ، حيث قال تعالى : (سُبْحَانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ).
وبالرغم من أنّ هذه الجملة قد وردت بتفاوتٍ مختصر في ستِّ آياتٍ من القرآن الكريم (٢) تنفي الولد والصاحبة لله تعالى أو تنفي الكفؤ والنضير من الأصنام ـ بقرينة الآيات التي سبقتها ، لكنها في الواقع تحتوي على معنىً عميق يشمل كلّ ألوان التوصيف ، لأنّ التوصيف الذي يصدر منّا عادة يكون شبيهاً لما في المخلوقات والممكنات ، وآخر مايمكن أن نصفه به سبحانه هو أن نقول : (الله أكبر من أن يوصف) وأعلى من الخيال والقياس والظن والوهم ، وأعظم ممّا رأينا وسمعنا وقرأنا وكتبنا ، أجل إنّه منزّهٌ عن الوصف.
* * *
ولو جئنا إلى الآية السادسة من بحثنا نلاحظ تعبيراً جديداً في هذا المجال أيضاً حيث يقول : (مَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) أي المشركون.
لأنّهم قد قاسوه بمخلوقاته وجعلوا له شريكاً وكفؤاً في حين أنّه ليس له كفؤاً أحد.
ومن سواه ضعيفٌ ومغلوب ، ونقل بعض المفسّرين بأنّ هذه الآية نزلت بخصوص جماعة من اليهود الذين كانوا يقولون بأنّ الله عندما فرغ من خلق السموات والأرضين تعب! واستلقى على ظهره واستراح! ووضع احدى رجليه على الاخرى.
فنزلت هذه الآية فوبختهم وخطّأتهم لأنّهم لم يقدّروا الله عزوجل حق قدره وشبّهوه بمخلوقاته.
ومع أنّ الآية المذكورة تنفي كلام المشركين (عبدة الأوثان) إلّاأنّها ذات مفهوم عميق
__________________
(١) تفسير الكبير ، ج ٣٢ ، ص ١٨٥.
(٢) تفسير الكبير ، ج ٣٢ ، ص ١٨٥.