أو في قوله تعالى : (وَنَحنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِن حَبلِ الوَرِيدِ). (ق / ١٦)
لا يتنافى أبداً مع عدم وجود مثل له سبحانه ، وذلك لأنّ المراد هو نفي وجود مثل أو مثال حقيقي له ، فهذه جميعاً أمثلة مجازيّة أنتُقيت لتقريب تلك الحقيقة ، التي لا مثيل لها ، في الأذهان.
لذا فقد قال تعالى في ذيل نفس هذه الآية : (وَيَضْرِبُ اللهُ الأَمْثَال لِلنَّاسِ). (النور / ٣٥)
ليدركوا الحقائق طبعاً.
* * *
وفي الآية الرابعة من بحثنا وهي الآية الأخيرة من سورة التوحيد ، نفى سبحانه وجود أي شبيه أو مثيل أو نظير أو كفؤ له حيث قال : (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً احَدٌ).
نفى الله تعالى عن ذاته أنواع الكثرة بقوله : (أحد) ، ونفى النقص والمغلوبية بلفظ (الصمد) ، ونفى المعلولية والعلّية بـ (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَد) ، ونفى الأضداد والأنداد بقوله : (وَلَمْ يَكُن لَهُ كُفُواً أحَد).
وبهذا فقد نفى سبحانه عن ذاته المقدّسة جميع صفات المخلوقات وعوارض الموجودات المختلفة وأي لونٍ من المحدوديّة والنقص والتغير والتحول ، التي هي من عوارض الممكنات.
ولقد جاء في تفسير الفخر الرازي بأنّ الآية الأولى من سورة التوحيد نفى بها الله تعالى عن ذاته أنواع الكثرة بقوله : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحدٌ) ، ونفت كلمة (صمد) النقص والمغلوبية ، و : (لَمْ يَلِدْ وَلمْ يُولَدْ) المعلوليّة والعليّة : (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوَاً أَحَدٌ) الأضداد والأمثال عن ذاته المقدّسة ، وذلك لأنّ الكفؤ بمعنى النظير ويُمكن أن تشمل كلا المعنيين (المثل والضد) (١).
ويقول أيضاً : بأنّ الآية التي هي محلُّ بحثنا تُبطل مذهب المشركين حيث يزعمون بأنّ
__________________
(١) تفسير الكبير ، ج ٣٢ ، ص ١٨٥.