التي نصفه بها يجب أن تكون خالية من كل عيبٍ ونقصٍ وعارضٍ مادي وجسمانيٍ وإمكاني.
جَلَّ المُهَيمِنُ أنْ تُدرَى حَقِيقَتُهُ |
|
مَنْ لالَهُ المِثْلُ لا تَضْرِبْ لَهُ مَثَلاً |
* * *
والآية الثالثة تُشير إلى نفس محتوى الآية الثانية بشكلٍ آخر ، فبعد أن سفهت الآية آلهة الوثنيين التي لا تستطيع أن تهب للبشر أيّ رزقٍ في السموات والأرض قالت : (فَلَا تَضْرِبُوا للهِ الأَمثَالَ إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ وَانتُمْ لَاتَعْلَمُونَ).
وبديهي فإنّ الوجود إذا كان واحداً متفرداً من جميع الجهات فانّه ليس له شبيه أو كفؤ لكي يكون له مثلاً.
ولقد جاء في بعض التفاسير بأنّ هذه الآية تُشير إلى قول مشركي الجاهلية وحتى بعض مشركي عصرنا الحاضر في أنّ الله أكبر من أن نعبُدَهُ نحن ، لذا فنحن يجب أن نعبد موجودات من سنخنا وفي متناول أيدينا ، فهو بالضبط كالملك الكبير العظيم الذي لا يستطيع عامة الناس الوصول إليه ، لذا تراهم يقصدون وزراءه وخواصّه ومقرّبيه الذين يُمكن الوصول إليهم.
القرآن الكريم يقول : لا تضربوا لله مثلاً من قبيل هذه الأمثال ، فهو أعزُّ وأجَلُّ من أن يشبه بالملك الضعيف ، فهو موجودٌ في كل مكان ، في قلوبكم وأقرب إليكم من أنفسكُم ، علاوةً على ذلك فهو لا شبيه له ولا مثيل لكي يعكس وجوده فتعبدوه ، فالأصنام وجميع المخلوقات الاخرى مثلكم مخلوقة وتابعة ومحتاجة إلى وجوده عزوجل.
ويُمكن أن تكون جملة : (إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ وَانتُمْ لَاتَعْلَمُونَ) إشارةً وتنبيهاً إلى أنّكم لا تعلمون كنه ذاته وصفاته ، وضرب الأمثلة له ينبع من جهلكم هذا ، فالله تعالى يحذّركم من ترديد هذا الكلام.
ومن هنا يتّضح أنّ ما ورد في قوله تعالى : (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالأَرضِ) (النور / ٣٥)