محال ، فهل يُمكن أن يستدل أحد بها على إمكانية هلاك وفناء الله تعالى؟ بحجة أنّه لو كان محالاً لما صحّ مدحه بعدم الهلاك كما يدّعي : فهل يتفوّه عاقل بمثل هذا!؟
وكذلك مدح القرآن لله تعالى بتنزيهه عن الأب والصاحبة والولد والشريك : (أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ). (الأنعام / ١٠١)
وقال سبحانه : (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ). (التوحيد / ٣)
وعلى هذا الأساس فإنّ جميع الصفات السلبية أمور محالة بشأن الله تعالى ، لأنّها من صفات الممكنات ، والله واجب الوجود.
ثانياً : لايوجد في الآية المذكورة أي إشارة إلى الحاسة السادسة وما شاكلها ، ولا تدخل في إطار أيٍّ من المفاهيم المعروفة الموجودة في كتب الأصول ، إذن فليس اثبات الشي بمعنى نفي غيره ، ولا نفي الشيء يثبت شيئاً آخر ، وعليه فإذا قالت الآية : (لا تدركه الأبصار) فليس مفهومها : إمكانية رؤية الله بواسطةٍ اخرى!
علاوةً على ذلك فما هو المقصود من الحاسة السادسة؟
فإن كان المقصود منها المشاهدة القلبيّة والرؤية بعين العقل فلا أحد يُنكرها ، ولا علاقة لها بالرؤية البصريّة ، وإن كان المقصود شيئاً آخر فينبغي توضيحه وتشخيصه ليُمكن بحثه ، لأنّ التكلّم في موضوعٍ مبهمٍ وغير مفهومٍ يعتبر لغواً.
ثالثاً : إنّ قول الآية : (لا تدركه الأبصار) معناه عدم قدرة أي بصرٍ على رؤيته ، وهو من قبيل (العموم الإفرادي) ، ويمر علينا مثل هذا التعبير في كلامنا اليومي بكثرة ، كقولنا لا تطوله الأيدي ، أو : لا يعرف الناس قَدرَهُ ، أي ، أيّ يدٍ وأيّ إنسان.
كما ورد في بعض الأدعية : «كلّت الألسُنُ عن غاية صفته ، والعقول عن كُنه معرفته» (١). وكذلك نقرأ في نهج البلاغة : «وأعجز الألسُنَ عن تلخيص صفته» (٢).
والحاصل أنّ دلالة الآية على عدم امكان الرؤية واضح جدّاً ولا يمكن باي سفسطة اتخاذها دليلاً على إمكان الرؤية.
__________________
(١) دعاء يوم الأثنين للإمام السجاد عليهالسلام.
(٢) نهج البلاغة ، الخطبة ١٦٥.