يدل على عدم الوثوق بأحاديث أبي عاصم العباداني.
وقد ورد الحديث الأول أيضاً في صحيح البخاري ، الذي يُعَدُّ من أشهر مصادر الحديث لدى أهل السُّنّة ، عن (جريربن عبدالله) في كتاب (مواقيت الصلاة) في بابين مختلفين مع اختلافٍ بسيط (١).
وقد نُقلَ بصراحة في قسم تفسير الآيات من المجلّد السادس لصحيح البخاري أيضاً مسألة رؤية الله يوم القيامة (٢).
٥ ـ يُلاحظ في كتاب الصلاة من «صحيح مسلم» وجود عدّة روايات منقولة عن «أبي هريرة» حول نزول الله تبارك وتعالى كلّ ليلة إلى السماء الدنيا ، من جملتها عن الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله أنّه قال : «ينزل الله إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يمضى ثلث الليل الأوّل ...» (٣).
مع أنّ هذه الرواية لا تتحدث عن مسألة الرؤية لكنّها تشتمل على مسألة تجسيم الله عزوجل ، ونسب العوارض إليه أيضاً ، كالمكان والحركة والنزول والصعود!
إنّ هذه الروايات ـ ومع الاسف ـ قد وردت مراراً في مصادرهم الشهيرة التي ذكرنا قسماً منها أعلاه ، وبما أنّها تخالف صراحة الآيات القرآنية التي تقول (لا تدركهُ الأبصار) و (قَالَ لَن تَراني) ومخالفة لحكم العقل أيضاً فيجب أن تُهمل ، وإن لم يُعثر لها على تفسير وتوجيه واضح ، فيجب القول : إنّها روايات مجهولة ونسبت إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله).
والعجيب ، أنّ أكثر هذه الروايات منقولة عن طريق أبي هريرة المشكوك في أمره من عدّة جوانب.
وكما نقلنا في رواية الإمام الرضا عليهالسلام : كيف يُمكن لأجير أن يُبلّغ عن الله عبارات صريحة تقول بعدم إمكانية رؤية الله أبداً ، ثم يدّعي بأنّ المؤمنين يَرون الله في القيامة ، أو بأنّ الله ينزل إلى السماء الدنيا كُلّ ليلة؟ وهذا تضادٌّ غير ممكن ، إضافة إلى هذا ، فالروايات
__________________
(١) صحيح البخاري ، ج ١ ، ص ١٤٥ و ١٥٠.
(٢) المصدر السابق ، ج ٦ ، ص ٥٦ تفسير سورة النساء.
(٣) صحيح مسلم ، ج ٢ ، ص ١٧٥ ، كتاب صلاة المسافرين ، (باب الترغيب في الدعاء).