وهي ملحوظة في الأشعار والكلمات اليوميّة التي تمر علينا كقول الشاعر :
وجوه ناظرات يوم بدرٍ |
|
إلى الرحمن تنتظر الخلاصا |
ويقول الشاعر الآخر :
إنّي إليك لِما وعدتَ لناظر |
|
نظر الفقير إلى الغني الموسر |
ثم أضاف قائلاً : إنّي أتعجّب من هؤلاء الأخوة كيف استدلوا بهذه الآية على إمكانية رؤية الله وحصولها ، وغاب عنهم معناها الظاهري؟ في حين أنّهم عندما يَصِلون إلى الآيات المشابهة لهذه الآية يؤوّلونها ، كالآية : (الرَّحمَنُ عَلَى العَرشِ استَوَى). (طه / ٥)
و (يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيدِيهِمْ) (الفتح / ١٠)
ولا يحملون هذه الآيات على معنى جسمانية الله والمكان والحركة ، بل يعتبرون الأولى بمعنى سلطة الله الربوبيّة على العرش ، والثانية كناية عن قدرته الفائقة جلّ وعلا.
ولا يُعلَم سبب هجرهم للمعنى الجلي لجملة (إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) واندفاعهم نحو مسألة الرؤية.
مضافاً إلى ذلك فيُمكن أن تكون هذه الآية كناية عن الرؤية بعين البصيرة ، كما ورد في كلام أمير المؤمنين علي عليهالسلام عندما قال : «لو كُشِفَ ليَ الغطاء ماازددتُ يقيناً». أو يقول في موضعٍ آخر : «أَوَ أعبُدُ ربّاً لم أرهُ»؟ ثم صرّح قائلا" : «لا تراه العيون بمشاهدة العيان ولكن تدركه القلوب بحقائق الإيمان».
أو ماورد في كلام ولده الإمام سيد الشهداء الحسين عليهالسلام في دعاء عرفة مخاطباً ربّه : «عميت عين لا تراك عليها رقيباً»! (١).
والآية الاخرى التي استندوا عليها لإثبات مقصودهم هي (كَلَّا إِنَّهُم عَن رَّبِّهِم يَوْمَئِذٍ لَمحَجُوبُونَ). (المطففين / ١٥)
ويستفيدون منها كون المؤمنين غير محجوبين عن الرؤية ، ويرون ربّهم حتماً.
ولكن كما أنّ كلمة «حجاب» تُستعمل للحجاب الظاهري ، فكذلك تستعمل للحجاب
__________________
(١) كلمة حول الرؤية ، ص ٤٨ ـ ٥٣ باختصار.