هو ماذكرناه في بحوثنا السابقة ، وهو أنّ الكثير من الأسماء والأوصاف ممزوجة بمفاهيم تحكي عن نقائص المخلوقات ومحدوديتهم ، واطلاق هذه الأسماء على الله يبعدنا عن معرفته ويُلقي بنا في هاوية الشرك.
لذا فقد اشتهر بين العلماء بأنّ (أسماء الله توقيفية) أي لا يجوز اطلاق اسم عليه دون إجازةٍ شرعيّة ، لذا فهم لا يجوّزون دعوته بأسماء من قبيل ، «العاقل» ، «الفقيه» ، «الطبيب» ، «السّخي» ، وذلك لأنّها لم ترِدْ في الآيات والروايات المعتبرة (١).
يقول المفسّر المرحوم العلّامة الطبرسي حول تفسير ذيل الآية ١٨٠ من سورة الأعراف : «تدل هذه الآية على أنّه لا يجوز لنا أن ندعو الله سوى بالأسماء التي انتخبها لنفسه فقط» (٢).
ولذلك أيضاً قال العلّامة المجلسي قدسسره : «لا يُسمّى الله بالسخي بل يُسمّى بالجواد ، وذلك لأنّ السخاوة في الأساس بمعنى الليونة ، وهذه الكلمة (السخاء) تُطلق على الأسخياء من حيث أنّهم يلينون ازاء عرض الحوائج عليهم (والليونة والخشونة لا معنى لهما بخصوص الله ، بل هي من صفات المخلوقات» (٣).
أمّا المرحوم العلّامة الطباطبائي في تفسير (الميزان) فإنّه لا يرى دليلاً في القرآن وفن التفسير على كون أسماء الله توقيفية ، والآية ١٨٠ من سورة الأعراف : (وَللهِ الأَسماءُ الحُسنى ...) لا تدلّ على هذا المعنى ، ولكنه قدسسره لم يُبد رأياً فقهّياً في هذا المجال وأرجعه إلى الفقه ، فأضاف قائلاً :
«الاحتياط يقتضي بالاقتصار على الأسماء التي وردت في الكتاب والسُنّة في مجال تسمية الله سبحانه ولكن إذا كان القصد مجرّد توصيف وإطلاق لفظي دون تسمية فلا بأس»(٤).
أمّا المرحوم الكليني في المجلّد الأول من أصول الكافي ، فقد نقل روايات عديدة في
__________________
(١) تفسير الكبير ، ج ١٥ ، ص ٧٠ ، لكن بعضاً من هذه الصفات قد ورد في بعض الأدعية ، وممنوعيتها غير ثابتة.
(٢) مجمع البيان ، ج ٤ ، ص ٥٠٣.
(٣) بحار الأنوار ، ج ٤ ، ص ٢٠٦.
(٤) تفسير الميزان ، ج ٨ ص ، ٣٧٥ ذيل الآية ١٨٠ من سورة الأعراف.