معنىً وأكثر ثباتاًمن كلمة (حافظ) التي هي اسم فاعل.
وعلى أيّة حال ، فعندما تختص هذه الصفة بالله تعالى فإنّها تُعطي معنىً واسعاً يشمل حفظ الله ورعايته لجميع الموجودات الماديّة والمعنويّة ، والسماوات والأرض ، وكذلك حفظ أعمال العباد ، والشرائع والكتب السماوية ، وحفظ الأنبياء والأئمّة المعصومين من المزالق (الخطايا) ، وحفظ أي عهدٍ عاهد به عباده.
وعليه فإنّ (حافظية) الله و (حفيظيته) تشمل مفاهيم اخرى (كالقيمومية).
ولولا الحفظ الإلهي لما بقي في السماء والأرض موجودٌ على قيد الحياة لحظة واحدة ، كما ورد في الآية : (وَهُوَ القَاهِرُ فَوقَ عِبَادِهِ وَيُرسِلُ عَلَيكُم حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ المَوتُ تَوَفَّتهُ رُسُلُنَا وَهُم لَايُفَرِّطُونَ). (الأنعام / ٦١)
يتضح من هذه الآية أنّ الله قد أمر الملائكة بحفظ الناس من الحوادث والبلايا حتى وصول الأجل المعيَّن.
وقد ورد شبيهٌ لهذا المعنى في قوله تعالى : (لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَينِ يَدَيهِ وَمِن خَلفِهِ يَحفَظُونَهُ مِن أَمرِ اللهِ). (الرعد / ١١)
ونظيرهُ ما جاء عن أمير المؤمنين علي عليهالسلام في نهج البلاغة : «إِنَّ مع كل إنسانٍ ملكين يحفظانه فإذا جاء القدر خليّا بَينَهُ وبَينَهُ» (١).
وقد ورد في سورة الإنفطار أيضاً مايخص الملائكة المكلَّفين بحفظ وتسجيل أعمال العباد ، قال تعالى : (وَإِنَّ عَلَيْكُم لَحَافِظِينَ* كِرَاماً كَاتِبِينَ* يَعلَمُونَ مَاتَفعَلُونَ). (الإنفطار / ١٠ ـ ١٢)
وعليه فإنّ حفظ الله ، بالمعنى الواسع للكلمة ، يتحقق عن طريق علمه وقدرته سبحانه من جهة ، وعن طريق الملائكة المكلَّفين بإداء هذه المهمّة من جهةٍ اخرى.
وكلمة (رقيب) كما ورد في المفردات هي بالأصل مشتقّة من مادّة (رقبة) أي العنق ، وأُطلقت فيما بعد على المحافظين والمراقبين ، إمّا لكونهم يحفظون رقبة مَنْ يرعونَهُ
__________________
(١) نهج البلاغة ، القصار الكلمات ، الكلمة ٢٠١.