الصفة له أثر عميق في رفع وإزالة المنغّصات» (١).
وقد فسّر المرحوم العلّامة الصدوق رحمهالله ، في كتاب التوحيد ، هذه الصفة الإلهيّة كمايلي : «إنّه لطيفٌ بعباده ، يُحسنُ إليهم ، ويُنعم عليهم ، ثم أضاف قائلاً : اللطف هو نفس الإحسان والعزّة ، ثم ذكر الحديث الشهير الذي يقول : «إنّ معنى اللطيف إنّه هو الخالق للخلقِ اللطيف» كما أنّه سمي) «العظيم لأنّه الخالق للخلق العظيم».
ومن الممكن الجمع بين كل هذه المعاني في مفهوم كلمة (لطيف) الواسع.
أمّا السّر من اقتران صفة (اللطيف) بـ (الخبير) في أغلب الآيات القرآنية فهو أنّ صفة (الخبير) ـ طبقاً لما قاله بعض المحققين تشير إلى الإطلاع العميق والعلم والإحاطة الدقيقة بالحقائق ، ممّا يتناسب مع مفهوم صفة (اللطيف).
إنّ البلاغ والأثر التربوي الذي يتركه الإيمان بهذه الصفة واضح جدّاً لأنّه يؤمل الإنسان بالألطاف الإلهيّة الخفيّة والجليّة من جهة ، ومن جهةٍ اخرى يحث بني البشر للتلطف والترحّم على بعضهم البعض ، ومن جهة ثالثة يدفعهم إلى الاطلاع على مخلوقات الله الظريفة جدّاً والتفكُّر فيها ، ولكل واحدٍ من هذه الأمور الثلاثة أثر بليغ في تربية الناس.
وكلمة (حفيّ) مشتقة من مادّة (حفاء) على وزن (سمَاء) ومن مادّة (حَفا) على وزن (جَفا) ولها عدّة معانٍ ذكرتها مصادر اللغة ، من جملتها : سير الإنسان حافي القدمين ، والإلحاح في السؤال ، العلم والإطلاع على شيء ، الإلحاح في عمل الخير.
وقال جماعة أيضاً : إنّها تعطي معنى ترقق جلد القدم ، وكعب الحذاء ، وحافر الجواد ، بسبب كثرة السير (٢).
إلّا أنّه ليس مستبعداً أن يكون الأصل الحقيقي لكل هذه المعاني هو الالحاح في السير بشكل يصبح جلد القدم أو الحذاء رقيقاً أو مُستهلكاً ، ثم استعملت في حالة الالحاح والمبالغة في كل شيء من قبيل : الالحاح في السؤال عن شيء ما بقصد الاطلاع ، والالحاح في طلب علم الخير.
__________________
(١) مصباح الكفعمي ، ص ٣٢٢.
(٢) مفردات الراغب ؛ لسان العرب ؛ مقاييس اللغة ؛ نهاية ابن الأثير ؛ تاج العروس ؛ وكتاب العين.