قال الطبرسي في مجمع البيان في ذيل الآية : (بِالمُؤمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ). (التوبة / ١٢٨) قيل : هما واحد ، والرأفة شدّة الرحمة ، وقيل : رؤوف بالمطيعين منهم ، رحيم بالمذنبين ، وقيل : رؤوف بأقربائه ، رحيم بأوليائه ، رؤوف لمن رآه ، رحيم بمن لم يره ، وقال بعض السلف : لم يجمع الله سبحانه لأحد من الأنبياء بين اسمين من اسمائه إلّاالنبي صلىاللهعليهوآله فإنّه قال : بالمؤمنين رؤوف رحيم.
وكذلك نلاحظ هنا ما لهذه الصفة الإلهيّة من الأثر التربوي والبلاغ الخاص في قلوب المؤمنين ، لأننا نرى بأنّ الله رؤوف رحيم ، ورسوله صلىاللهعليهوآله رؤوف رحيم أيضاً ، لذا يجب أن يكون شيعتهم ومحبّوهم رؤوفين رحماء أيضاً ، وينعكس على وجودهم شعاعٌ من الرحمة الإلهيّة العامة والخاصة.
تكررت كلمة (لطيف) سبع مرّات في القرآن الكريم ، وقد وردت كصفة من صفات الله في جميع هذه الموارد وغالباً مااقترنت بصفة (خبير) (١). ووردت لوحدها في موضعين فقط (٢).
وعلى أيّة حال فإنّ هذه الكلمة مشتقة من مادّة (لطف) ، وتعني : العمل الظريف والدقيق والمحبّة والحنان ، وتُطلق أيضاً على كلّ من الموجودات الصغيرة اللينّة ، والحركات الظريفة ، والقيام بالأعمال الدقيقة ، والأمور التي لاتدركها حواس الإنسان.
وعندما تختصّ هذه الصفة بالباري تعالى فإنّها تعطي معنى الرفق والمداراة الإلهيّة بينه وبين عباده ، وتوفيقهم وحفظهم من المشاكل (٣).
يقول ابن الأثير في تفسير هذه الكلمة : اللطيف من يجمع بين (الرفق في العمل) و (العلم بدقائق المنافع وإيصالها إلى أصحابها).
ويقول المرحوم الكفعمي رحمهالله في (المصباح) : «إنّ دعوة الباري ، في المشكلات ، بهذه
__________________
(١) الأنعام ، ١٠٣ ؛ الحج ، ٦٣ ؛ لقمان ، ١٦ ؛ الملك ، ١٤ ؛ الأحزاب ، ٣٤.
(٢) يوسف ، ١٠٠ ؛ الشورى ، ١٩.
(٣) مفردات الراغب الأصفهاني ولسان العرب ، مادّة (لطف).