فكلمة (حسب) على وزن نسبْ ، تعني كون الآباء والأجداد ذوي شخصيّات ومقامات يُمكن ذكرها! وكذا (احتساب المصيبة) فإنّها تعني احتساب المصيبة على الله وطلب ثوابه.
«حُسبان» : على وزن (غفران) وتعني الصاعقة والعذاب ، لأنّها العقوبة التي يلقاها بعض الأقوام بعد حساب أعمالهم.
وعلى أيّة حال ، عندما تُستعمل كلمة (حسيب) بخصوص الباري سبحانه ـ كما قال المرحوم الصدوق رحمهالله ـ فإنّها تعطي أحد المعاني الثلاثة التالية : الذي أحصى كُلٍ شيءٍ في الوجود وهو عليم وخبير به ، والذي يتولّى محاسبة العباد في القيامة ومجازاتهم ، والذي يكفي أمور العباد (١).
ولكن يُفهم من الآيات القرآنية أنّ هذه الكلمة تعني «تولّي الحساب» لأنّها جاءت بهذا المعنى على الأقل في ثلاثة مواضع من المواضع الأربعة المذكورة في القرآن الكريم.
ومن هنا يتضح أنّ كلمة (حسيب) متقاربة مع صفتي (سريع العقاب) ، و (أسرع الحاسبين).
وللمفسرين آراء مختلفة حول سبب اتصاف الباري بصفة (أسرع الحاسبين).
يقول القرطبي في تفسيره : (لأنّه لا تحتاج محاسبته إلى أي نوعٍ من التفكُّر) (٢).
ويقول الألوسي في روح المعاني : لأنّه سبحانه يحاسب جميع الخلق بأسرع وقتٍ دون أن تشغله محاسبة فردٍ عن محاسبة غيره (٣).
وقد أورد المرحوم الطبرسي نفس هذا المعنى في مجمع البيان (٤).
وقد وردت تعابير ظريفة حول هذا الموضوع في الأحاديث الإسلامية أيضاً ، فقد نُقِلَ عن أمير المؤمنين علي عليهالسلام أنّه قال : «معناه انه يحاسب الخلق دفعة كما يرزقهم دفعة» (٥).
__________________
(١) توحيد الصدوق ، ص ٢٠٢ ، ووردت هذه المعاني الثلاثة في كتاب مصباح الكفعمي أيضاً ، ص ٣٢٤.
(٢) تفسير القرطبي ، ج ٤ ، ص ٢٤٤٣.
(٣) تفسير روح المعاني ، ج ٧ ، ص ١٥٤.
(٤) تفسير مجمع البيان ، ج ٢ ، ص ٢٩٨ ، ذيل الآية ٢٠٢ من سورة البقرة.
(٥) المصدر السابق.