جمع الآيات وتفسيرها
إنْ كلمة (سلام) ذات مفهومٍ مصدري ، وأحياناً يستعمل هذا المصدر كصفة ، فمعناه في الحالة الأولى ـ كما ورد في مقاييس اللغة ـ (الصحّة والعافية) ، وإنّما سمّي (الإسلام) بهذا الاسم لأنّه يمنع الإنسان من معصية الحق ومخالفته ، يُحفِّزه على الإنقياد والطاعة ، وكذلك سمّيت (التحية) سلاماً لأنّها دعاء للسلامة.
وتستعمل كلمة (سلام) بمعنى (الصلح) أيضاً ، لأنّه سلامٌ من الحرب وسفك الدماء ، ويُسمى المبلغ الذي يُدفع كمقدمة لشراء شيء (سَلَم) لعدم امتناع المشتري عن دفع المبلغ المذكور على الرغم من عدم استلامه ذلك الشيء الذي اشتراه ، وسمّي (السُّلَّمُ) بهذا الاسم لكونه الوسيلة التي يصعد وينزل بها الإنسان من المكان المرتفع بسلام.
وعلى أيّة حال ، عندما تُستعمل هذه الكلمة كصفة من صفات الباري تعالى تكون ذات معانٍ مختلفة :
فقد قال البعض : إنّها تعني المنزّه عن كل عيبٍ ونقصٍ وفناءٍ وعدمٍ يصيب المخلوقات (١). وقال البعض الآخر : إنّها تعني الذي يواجهك بسلام دون أن يؤذيك (٢).
وقال آخرون : إنّها تعني الوجود الذي يفيض على الآخرين بالسلامة والسكينة والأمان (٣).
ولكن لايوجد أي دليل على تحديد هذه الصفة وحصرها بأحد المعاني المذكورة ، بل إنّها ذات مفهومٍ أوسع وأشمل بحيث يضم جميع هذه المعاني ، فهو سالمٌ من أي عيبٍ ونقص ، وسالمٌ من الفناء والعدم ، وَسالمٌ من الظلم والجور على عباده ، وهو واهب السلامة.
وبلاغ هذه الصفة هو أنّها تمنح الإنسان المؤمن الشعور بالأمن والإطمئنان من العدل الإلهي ، ويدفع به إلى الاحتراز من الاعمال التي تمسّ سلامة روحه وبدنه ، هذا من جهة ،
__________________
(١) مقاييس اللغة ، مصباح الكفعمي ، لسان العرب ، مجمع البحرين.
(٢) تفسير الميزان ، ج ١٩ ، ص ٢٥٦.
(٣) مصباح الكفعمي ، ص ٣١٨ ؛ وفي ظلال القرآن ، ج ٨ ، ص ٥٠.