تغضب عليَّ ذات يومٍ فتسترجعها منّي ، لكنَّ الله الذي يرزقني منزّهٌ عن جميع هذه النقائص والعيوب ويرزقني حتى في اليوم الذي أعصيه فيه! (١).
وكم يكون رائعاً لو أضاف بهلول هذه الجملة أيضاً : من يضمن بقاءك في السلطة إلى الغد حتى تقدر على رزقي أو رزق الآخرين؟
نختتم هذا الكلام بحديثٍ مبارك منقول عن أمير المؤمنين الإمام علي عليهالسلام ، حيث قال في بداية خطبة الأشباح :
«الحمد لله الذي لا يَفِرُهُ المنع والجمود ولا يُكديه الإعطاء والجود ، إذْ كلّ معطٍ منتقصٌ سواه ، وكلّ مانعٍ مذمومٌ ما خلاه ، وهو المنّان بفوائد النّعم ، وعوائد المزيد والقِسَمْ ، عيالُهُ الخلائق ، ضمِنَ أرزاقهم وقدّر أقواتهم ونهج سبيل الراغبين إليه والطالبين ما لديه ، وليس بما سُئِلَ بأجود منه بما لم يُسألْ» (٢).
* * *
وفي الآية السادسة وُصِقت ذاته المقدّسة بصفة «خير الناصرين» ، لأنّ الناصر الحقيقي هو من يقدر على النصرة ضدّ كلّ عدوّ ، وفي أي مكان وزمان ، وفي أي ظرف ، هو الناصرُ الذي لا يُغلَبُ أبداً ، ولا تستطيع أيّةُ قدرة من الوقوف ضدَّه ، إضافةً إلى ذلك فهو يحيط علماً بجميع مؤامرات الأعداء ، ونقاط ضعف من يحتمي بهم ، وبغض النظر عن جميع هذا ، فهو سبحانه لاينتظر ردّاً للجميل الذي يصنعه (النصرة).
ونحن نعلم أنّ هذه الصفات لم تجتمع إلّافي الذات الإلهيّة المقدّسة ، في حين نلاحظ أنّ الناصرين الآخرين فاقدون لهذه الصفات.
علاوةً على جميع ذلك فإن استطاع أحدٌ ما أن ينصُرَ آخر فنصرتُه محدودة بدار الدنيا فقط ، أمّا الله سبحانه وتعالى فهو الناصر الوحيد الذي يقدر على النصرة الدنيوية والاخروية.
* * *
__________________
(١) تفسير روح البيان ، ج ٩ ، ص ٥٢٨.
(٢) نهج البلاغة ، الخطبة ٩١.