ويُحتَملُ أن يعود كلا المعنيين إلى أصلٍ واحد لأنّ الظلم (ضد العدالة) سبب الظُّلمة أينما كان ، ولعل هذا هو السبب الذي دفع بالراغب في مفرداته ، إلى اعتبار(الظُّلمة) أصل هذه الكلمة.
وقد وردت في لسان العرب أنّ أصل الظُّلم هو : «الجور والتجاوُز عن الحد) ، وأضاف في تعبير آخر : الظلم معناه : (الانحراف عن الحد المتوسط).
طبعاً : إنّ هذه المعاني الثلاثة للظلم أي (وضع الشيء في غير محله) و (التجاوز عن الحد) و (الانحراف عن الحد المتوسّط) ، تعود إلى أصل واحد).
وقد قسّم بعض العلماء الظلمَ إلى ثلاثة أقسام : ظلم الإنسان ربَّهُ ، وأظهر مصاديقه الكفر والشرك والنفاق ، وظلم الإنسان الآخرين ، وظُلمه نفسَهُ ، وذكروا لكلٍّ منها شواهد قرآنية ، ولكن من زاوية معينة نرى أنّ الأقسام الثلاثة تعود إلى أصل ظُلم النفس ، لأنّ الإنسان منذ اللحظة الأولى من تصميمه على الظلم يوجّه الضربة الأولى إلى نفسه ، كما قال تعالى : (وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِن كَانُوا انفُسَهُم يَظلِمُونَ). (الأعراف / ١٦٠)
وضّد الظلم (العدل) ، وقد ذكروا له معنيَين متضادّين هما :
الأول : هو معناه المعروف أي وضع الشيء في محلّه المناسب ، ولهذا المفهوم الواسع مصاديق كثيرة من جملتها العدالد بمعنى الإعتدال ، العدالة بمعنى رعاية المساواة ونفي كل ألوان (التمييز) ، العدالة بمعنى رعاية حقوق الآخرين ، والعدالة بمعنى رعاية الحقوق والإستحقاقات ، وأخيراً العدالة بمعنى التزكية والتطهير.
وإن استعملها القرآن الكريم أحياناً بمعنى الشرك فسببه أن المشرك يتخذ لله ندّاً وعديلاً ، قال تعالى في الآية الأولى من سورة الأنعام : (ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِهِم يَعْدِلُونَ).
الثاني : كما ورد في المقاييس : هو الإعوجاج والانحراف.
وقال بعض أرباب اللغة : إنّه يعني الظلم (أي) أنّ العدل من الألفاظ التي لها معنيان متضادّان ، لذا يُطلق على الانحراف عن شيء (عدول).
وكلمة (قسط) في الأصل تعني الحصّة والنصيب العادل ، ولذلك فإنّها قد تأتي أحياناً