(كشبكيّة العين) لذا نجد أنّها موضوعة في محفظة قوية جدّاً لكي تكون بعيدة تماماً عن ساحة الحوادث ، وهذه الخلقة اللطيفة والظريفة جدّاً ، إنّما هي بسبب الواجب الحسّاس جدّاً الملقى على عاتقها وهو (التصوير المستمر للمشاهد المختلفة من مسافات بعيدة وقريبة وفي أجواء متفاوتة).
وهنالك خلايا صلبة ومحكمة ومقاومة جدّاً ، كخلايا عظام كعب القدم ، أو عظام الساق التي علاوةً على تحمّلها جميع وزن البدن ، يجب أن تكون مُقاومة للضربات القوية والصدمات.
فلا يُمكن إذن لأي عاقل أن يعترض على تفاوت بُنية هذيْن العضويْن؟ أو يعترض على عدم خلق جميع خلايا البدن بنفس ظرافة خلايا شبكيّة العين ، أو بنفس صلابة خلايا الساق ، أو القدم ، أو بنفس سُمك جلد كعب القدم؟
ويُمكن إجراء نفس هذه الحسابات بخصوص أعضاء شجرة أزهار صغيرة مع شجرة كبيرة ابتداءً من جذورها القويّة ، إلى سيقانها ، وأغصانها الصغيرة والكبيرة ، وبالتالي أوراقها مع أوراق الأزهار والشعيرات الصغيرة الدقيقة الموجودة في داخل كُلّ زهرة.
ولو أمعنّا النظر جيّداً لوجدنا أنّ أقسام المجتمع البشري تشبه تماماً أعضاء بدن الإنسان أو شجيرة أزهار صغيرة وشجرة كبيرة.
فصنع النظام الأحسن يفرض وجود التفاوت في استعدادات وأذواق أفراد المجتمع وبنائهم الروحاني والجسماني ، ليتناسب كُلُّ واحدٍ منهم مع الواجب الذي يُلقيه نظام الخلق على عاتقه ويتمكّن منه ، وإلّا لتبعثر كُلّ شيء ، ولما كان هنالك نظامٌ أحسن ، ولصار الوجود كالشجرة التي جميعها جذور أو سيقان أو أوراق فقط ، ومن قبيل هذه الشجرة لا تستطيع أن تواصل الحياة لأكثر من فترة قصيرة ، وإن كانت قادرة فلا فائدة منها.
فلا يُمكن أن يتساوى تركيب وجود الأم ، التي يجب أن تكون كتلة من العواطف لتقوى على تحمل كل مشقّات حفظ وتربية الأولاد ، مع تركيب وجود الأب ، الذي يجب أن يُمارس عمله دائماً في قلب المجتمع ، لأنّ العكس معناه إمّا تلاشي دور الأمومة أو تعطيل دور الأبّوة.