الله لاإله إلّاأنا ، خلقت الخلق ، وخلقت الخير وأجريته على يدي من أُحبّ ، فطوبى لمن أجريته على يديه ، وأنا الله لا إله إلّاأنا ، خلقت الخلق وخلقت الشّر وأجريته على يدي من أريده ، فويلُ لمن أجريتهُ على يديه» (١).
وعن الإمام الصادق عليهالسلام ، أيضاً : «الخير والشّر كُلّه من الله» (٢) وهنالك أحاديث عديدة اخرى في المصادر الإسلامية ، وذكرها بأجمعها يخرجنا عن صُلب الموضوع(٣).
وقد طُرحَتْ أسئلة مختلفة بصدد هذه الأحاديث أهمها السؤال التالي :
أولاً : إذا كان الشر أمراً عدميّاً فكيف عُبّر عنه بالخلق هنا؟
يمُكن العثور على جواب هذا السؤال في البحوث السابقة ، وهو كثيراً ما يحدث أن تُطلق لفظه الشّر على الأمور الوجوديّة التي تُسبب العدم ، كأنواع المكروبات والمواد السّامة والأسلحة المخرّبة والتي تعتبر جميعها أموراً وجودية لكنها مصدر «الأمراض» و «الموت» و «الخراب» ، التي هي أمور عدميّة ، «دقق جيّداً».
علاوةً على هذا فإنّه يُحتمل أن يكون التعبير الوارد يشير إلى الشرور النسبية ذات الصبغة الوجوديّة والتي يغلب خيرها على الرغم من تركها أثاراً سلبيّة لبعض الأفراد.
يقول العلّامة المرحوم المجلسي (رضوان الله تعالى عليه) في «مرآة العقول» عن المحقق الشيخ الطوسي ، في شرح أمثال هذه الروايات : المقصود من الشّر هو الأمور التي لا تناسب طبع الإنسان على الرغم من وجود مصلحة معينة فيها.
ثم أضاف في توضيحه عن كلام المحقق : «للشر معنيان».
١ ـ الشيء الذي يخالف الطبع ولا يتناسب معه كالحيوانات المؤذية.
٢ ـ الشيء المؤدي إلى الفساد وليس فيه مصلحة ما.
وما يُنفى عن الله سبحانه هو الشّر بالمعنى الثاني لا الأول ، ثم أضاف قائلاً : يعتقد
__________________
(١) اصول الكافي ، ج ١ ، ص ١٥٤ ، باب الخير والشر ، ح ١.
(٢) بحارالانوار ، ج ٥ ، ص ١٦١ ، ح ٢١.
(٣) لزيادة الإطلاع راجع المجلد الأول من اصول الكافي : باب الخير والشر ، والمجلد الثاني من كتاب الدعاء : باب ما يمجد به الرب ، الحديث الأول والثانى ، ص ٥١٥ و ٥١٦ ، وبحارالانوار ، ج ٥ ، باب السعادة والشقاوة.