الحيوانات هي وسيلتها الدفاعية لمواجهة الأعداء ، أو جمع الغذاء من أجل البقاء.
وكذا المكروبات المعروفة بالشّر هي امور وجوديّة ، فبالإضافة إلى آثارها السلبية فانَّ لها أثاراً إيجابية أيضاً ، وتعمل الكثير من هذه الموجودات المجهرّية على تفسيخ أجساد الموتى وجثث الحيوانات ، ولولاها لما مضت إلّامدّة وجيزة حتْى تمتلىء الأرض بالأجساد المتعفّنة وتتلّوث بسببها ، وَلَحَلَّ الدمار الشديد بالبيئة الإنسانية.
وأيضاً تعمل مجموعة منها على إحداث افعال وانفعالات معينة داخل التربة لتهيّأها للزرع.
وحتى المكروبات المؤذية المسببة للأمراض فإنّ هجماتها المستمرة على بدن الأنسان ، عن طريق الغذاء والماء والهواء ، تُنشّط جميع خلاياه وتجعلها في حالة دفاعية دائماً وتكون سبباً في اقتدارها ، إلى الدرجة التي يعتقد البعض بأنّه لو لم تكن هذه المكروبات الهجوميّة لكان بدن الإنسان ضعيفاً جدّاً ولكان أطول إنسان لا يتجاوز طول قامته الثمانين سنتمتراً!
والسؤال الأخير المطروح بصدد خلق الشّر هو : لم لا تنحصر مخلوقات الله بالخير المحض؟ وتوجد أشياء غالبة الخير ، فمثلاً نجد أنّ النار مادّة حارقة ينتج منها الكثير من شؤون الحضارة الإنسانية ، والمواد الحياتية والأشياء المفيدة ، لكنها أحياناً قد تُحرق أفراداً ، أو تحول بيتاً بأكمله إلى رماد بسبب سوء استخدامها.
ولكن يجب الإنتباه في مثل هذه الموارد إلى أنّها لو جُرّدت عن صيغة الشّر فقدت محتواها ، أي أن لا يخلق الله ناراً ، لأنّ النار التي تُحرق أحياناً ولا تُحرق أحياناً اخرى ليست بنار.
وبتعبير آخر : يحتوي عالم المادّة بطبيعته على مثل هذه النقائص إلى جنب كمالاته ، وإذا كان من المقرر حذف هذه النقائص لصار معناه نقض خلق عالم المادّة أساساً ، «أي أن لا يُخلَقْ» ، في حين أنّه ذو خيرٍ غالب وكمال نسْبي ، وخلقه عين الحكمة (تأمل جيداً).
* * *