تأثيرها ينبع من صياغتها اللفظّية إضافة إلى حالات وشروط خاصّة بالشخص الذي يرفع يديه بالدعاء من حيث التقوى والطهارة ، وحضور القلب ، والتوجه الخالص لله ، وقطع الأمل عمّن سواه ، والتوكل الكامل على ذاته المقدّسة؟
أم أنّ الاسم الأعظم ليس من سنخ اللفظ؟ وما استعمال الألفاظ إلّاللإشارة إلى حقيقتها ومحتواها ، وبتعبير آخر فإنّ مفاهيم هذه الألفاظ. يجب أن تنفذ إلى روح الإنسان فيتخلق بمعناها حتى يصل إلى مرحلة من الكمال بحيث يصير مستجاب الدعوة بل يمكنه ـ بالإضافة إلى ذلك ـ أن يتصرف في الموجودات التكوينية بإذن الله.
من هذه الاحتمالات الثلاثة ، يستبعد جدّاً أن يكون لهذه الحروف والألفاظ أثر بدون أن يكون لمحتواها ولأوصاف وحالات الشخص دخلٌ في الموضوع ، ومع أنّه ورد في بعض القصص الخرافية التي نقلت شعراً ونثراً في بعض الكتب من أنّ عفريت الجن كان يستطيع الاستيلاء على عرش سليمان وأداء أعماله عن طريق معرفته بالاسم الأعظم!! فإنّ مثل هذا التصُّور عن اسم الله الأعظم بعيد جدّاً عن روح التعليمات الإسلامية ، علاوة على هذا فإنّ نفس قصة (بلعم بن باعورا) ، التي أخبرت عن أنّه فقد الاسم الأعظم بعد أن انحرف عن التقوى والطريق الصحيح ، تدل على أنّ لهذا الاسم علاقة وثيقة جدّاً بأوصاف وحالات الداعي ، لذا فالاحتمال الصحيح هو أحد التفسيرين الأخيرين أو كلاهما.
يقول العلّامة الطباطبائي رحمهالله في تفسير الميزان ، بعد أن أشار إلى مسألة الاسم الأعظم : «مع أنّ أسماء الله عموماً واسمه الأعظم خصوصا مؤثرة في عالم الوجود وتعد وسائطاً وأسباباً لنزول الفيوضات في هذا العالم ، إلّاأنّ تأثيرها منوط بحقائقها لا بنفس ألفاظها التي تدلّ عليها ولا بمعانيها المرسومة في الذهن» (١). وهذا الكلام يؤيد أيضاً صحة ما ذكرنا.
وتوجد نقطة جديرة بالالتفات أيضاً وهي أنّ هناك تعابير مختلفة للإسم الأعظم في روايات هذا الباب ، وكل واحد منها حصر الاسم الأعظم بمعنى معيَّن.
فبعضها عدّت البسملة أقرب شيء إلى الاسم الأعظم وبعضها حددت اسم الله الأعظم
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج ٨ ، ص ٣٧٢.