حياته. والتي لها وقعاً في قلبه قد اصطحبت معها كنوز من العلوم والمعارف التي يمكن أن ندرك أبعادها بمشاهدة ملايين الكتب الموجودة على رفوف المكتبات العالمية الكبيرة ، والتي بلغ عدد الكتب في بعضها خمساً وعشرين مليون كتاب.
صحيح أنّ بعض هذه الكتب مكررة أو مترجمة عن بعضها الآخر ، لكنه لاريب في احتوائها على حقائق كثيرة غير مكررة ناجمة عن المساعي الفكرية والتجريبية لكل المجتمع البشري على مدى التاريخ ، بغض النظر عن العلوم التي بقيت في أذهان العلماء ودفنت معهم.
لكن جميع هذه العلوم بالنسبة إلى المجهولات بمنزلة القطرة من البحر أو الذرة من الجبل.
ويمكن بيان أسباب هذه المحدوديّة بالأمور التالية :
أ) محدوديّة قدرتنا الحسية ، فنحن نستطيع إدراك قسم صغير من موجودات عالمنا الحسي فقط ، كما أنّ قدرتنا على التحليل العقلي أيضاً ليست قادرة إلّاعلى إدراك قسم صغير من المسائل العقلية.
ب) إنّ عمر الإنسان بالنسبة إلى عمر عالم الوجود كساعةٍ واحدة لا أكثر.
ج) يعُدّ المحل الذي نعيش فيه أي الكرة الأرضية صغيراً ومحدوداً جدّاً بالمقارنة مع كواكب المجرات التي لا تعدّ ولا تحصى ، (ويقدِّر العلماء عدد النجوم الموجودة في مجرّتنا فقط بمئة ألف مليار كوكب ، وقد بلغ عدد المجرات التي اكتشفها البشر بهذه الأجهزة البسيطة لحد الآن مليار مجرة!).
ومن هنا يُمكن إدراك سعة علم الله ، وما أجمل التعبير القرآني في هذا المجال : (وَلَوْ أَنَّمَا فِى الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللهِ). (لقمان / ٢٧)
والأهم من كل ذلك هو أنّ الله تعالى عالم بذاته المقدّسة أيضاً ، ولأنّ ذاته المقدّسة لامتناهية ، فإنّ علمه بهذه الذات اللامتناهية لامتناهٍ أيضاً ، ولا تستطيع الأعداد أو الأرقام أن تفصح عن عظمته.