٥ ـ أسئلة مهمة حول علم الله
هنالك أسئلة على شكل مناضرات بين الفلاسفة والمتكلمين حول علم الله منذ قديم العصور ، وقد اتسعت فيما بعد ، وذلك لكون مسألة العلم بصورة عامّة ومسألة علم الله بصورة خاصّة ، معقّدة ، وأهم هذه الاسئلة ما يلي :
١ ـ كيف يمكن أن يحيط الله علماً بذاته المقدّسة ، في حين أنّ العالم والمعلوم يجب أن يكونا شيئين؟ فهل يوجد تفاوت بين علم الله وذاته المقدّسة؟ وبعبارة اخرى هل يمكن أن يكون الله عالماً ومعلوماً في نفس الوقت؟
الجواب : أولاً : إنّ هذا السؤال لا ينحصر بعلم الله بذاته المقدّسة ، فهو يجري حتى على علمنا بوجودنا ، فنحن نعلم يقيناً بوجودنا وندرك بأننا موجودون ، فهل يجب أن يكون العالم والمعلوم هنا شيئين أيضاً؟ في حين أننا لسنا بأكثر من شيء واحدٍ ، خصوصاً وإن علمنا بأنفسنا من النوع الحضوري أيضاً.
ثانياً : نورد هنا ما أجاب به العلّامة المرحوم (الخواجة نصير الدين الطوسي) على نفس هذا السؤال ، قال : إنّه يكفي التغاير الاعتباري أي أنّ موجوداً واحداً من حيث كونه مبدعاً عاقلاً يستطيع أن يُدرك حضوره بذاته ، فهو عالم ، ومن حيث كونه حاضراً عند ذاته ، يكون معلوماً ، وبتعبير آخر ننظر إلى هذا الوجود الواحد من زاويتين : من زاوية إدراكه لذاته فنسميه عالماً ، ومن زاوية أنّه مُدْرَك فنسميه معلوماً (فتأمل).
٢ ـ كيف يحيط الله عِلْماً بموجودات العالم وهي في حالة تغيُّر دائم ، فهل أنّ ذاته المقدّسة تتغير أيضاً!؟
الجواب : يصح هذا الإشكال فيما إذا كان علم الله بالأشياء الخارجية كعلمنا حاصل عن طريق (إنعكاس صور الأشياء) ، لأنّ تغيُّر هذه الموجودات يؤدّي إلى تغيُّر هذه المفاهيم والصور لكن بما أن علم الله علمٌ حضوريٌّ ، وجميع الأشياء ماثلة بين يديه ، فإنّ هذا الإشكال لا معنى له. لأنّ التغيُّر يحصل في موجودات هذا الكون فقط ، لا في ذاته المقدَّسة