فيكون المعنى : ليس البرّ وعمل الخير هو إتيان الأحكام والتشريعات غير المنزلة من قبل الله تعالى أو إتيان الأحكام الإلهية بغير الوجه الذي أنزله الله تعالى.
ويكون وجه الارتباط بصدر الآية واضحا فإنّ الأوقات المضروبة للأحكام الشرعية لا يجوز التعدي عنها وإتيانها في غير أوقاتها المضروبة إلا بترخيص من الشرع.
قوله تعالى : (وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها).
بعد أن نفى البرّ عن أعمالهم السيئة وتشريعاتهم الباطلة أثبت سبحانه وتعالى البرّ في التقوى وإتيان الأمور من وجهها المطلوب ، ومن حيث أمر الله تعالى ، ولا يتحقق ذلك إلا بالتخلّي عن المعصية وارتكاب الرذائل والتحلي بالفضائل واتباع الشرع ، والتجلّي بمظاهر الحق ، وقد ذكر سبحانه تفصيل البر في آية ١٠٧ من هذه السورة.
والباب : هو الطريق المؤدي إلى المقصود والمطلوب ، ولا يختص استعماله بالماديات والجسمانيات ، بل يستعمل في المعنويات أيضا ، ومنه استعمال الباب في غالب العلوم ، وقد روى الفريقان عن نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) أنّه قال : «أنا مدينة العلم وعليّ بابها ومن أراد المدينة فليأت الباب».
والآية تنطبق على ذلك أيضا بل هو المتيقّن من مفادها. فقلب النبي (صلىاللهعليهوآله) عيبة علم الله تعالى ، ومنطقه من أدلة الرشاد ، ولا ينطق إلا من وحي السماء ، وفعله حجة على العباد ، والباب المؤدي إليه من كان حليف جميع حالاته ، وينبوع علمه وكمالاته ، وهو الباب الذي فتحه الله تعالى على آدم (عليهالسلام) وأبرار ذريته إلى أن وصل إلى خاتم الأنبياء وسيد المرسلين ، ففتحه النبي (صلىاللهعليهوآله) لعليّ (عليهالسلام) وأبرار ذريته ، وقد ورد عنه (عليهالسلام) أنّه قال : «علمني رسول الله (صلىاللهعليهوآله) ألف باب من العلم يفتح من كل باب ألف باب» وقد اعترف فضلاء