والآية تشير إلى أمر غريزي واضح غير خفي وإن التبس الأمر في موارد ، ولكنّه واضح عند العقل وللإحسان مراتب بل إنّه من الأمور الإضافية.
والمعنى : اطلبوا الحسن في أفعالكم وأعمالكم إنّ الله يحب كلّ محسن كذلك.
ويستفاد من قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) أنّ الغرض من إحسان المحسن هو ابتغاء محبّة الله تعالى التي هي المقصد الأسنى من سعي كلّ مؤمن من وراء عمله بأحكام الدّين ، قال تعالى : (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ) [آل عمران ـ ٣١].
ومن تعقيب قوله تعالى : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) بقوله جلّ شأنه : (وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) يشعر بأنّه لا بد من إحراز مراعاة الحسن والإحسان في كلّ إقدام على عمل ، والتجنب عن مشكوك التهلكة فضلا عن مقطوعها ومظنونها ، وأنّ الإحسان هو الطريق الوسط دون طرفيه من الإفراط والتفريط.
وإطلاق قوله تعالى : (وَأَحْسِنُوا) يشمل كل إحسان في الاعتقاد والأعمال بل ويشمل حسن الظنّ بالله تعالى الذي أمرنا به ، والترك والكفّ عما نهينا عنه.
ومن تعقيب آيات القتال بهذه الجملة المباركة يستفاد أنّه لا بد من الاهتمام بابتغاء الإحسان في مثل هذا المقام الذي تسيطر على النفس القوة الغضبية ، وحسن كلّ مورد بحسبه في القتال والعفو ، والكف والأسر ونحو ذلك.