وأما إذا كانت غيرها مما يخاف على معتقدات الناس الحقة وهتك النفوس والأعراض والأموال المحترمة فلها حكم آخر فصّلناه في الفقه.
الثاني : إنّ إطلاق النّهي عن الاعتداء يشمل جميع أنحاء الاعتداء سواء كان على النفس أو في العرض أو في المال ، ولكلّ واحد من هذه الأمور الثلاثة أحكام خاصة مذكورة في كتب الفقه.
وذكرنا في كتاب الغصب من (مهذب الأحكام) أنّ الاعتداء في المال إن كانت العين موجودة عند المعتدي يجب عليه ردها إلى مالكها كما يجب رد قيمة المنافع المستوفاة منها بل وغير المستوفاة ويقتضيه ما نسب إلى نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) : «على اليد ما أخذت حتى تؤدي».
وأما إذا كانت تالفة فإن كانت من المثليات بحسب المتعارف وجب عليه رد المثل ، وإن كانت من القيميات كذلك وجب عليه رد القيمة ، وإن كانت مرددة بينهما لا بد من التراضي مع صاحب المال.
ومقتضى ظواهر الأدلة الشرعية اعتبار المماثلة في كيفية الاعتداء وكميته وسائر الجهات ، وقد ورد في الحدود : «إنّ الله جعل لكلّ شيء حدّا وجعل لكلّ من تعدّى ذلك الحدّ حدّا» فلا بد من مراعاة إذن الشارع في جميع ذلك.
وما قيل : من أنّ «الغاصب يؤخذ بأشق الأحوال» فهو مردود لم يقم على إطلاقه دليل لا من العقل ولا من النقل هذا صفوة القول ومن أراد التفصيل فليراجع كتابنا (مهذب الأحكام).
الثالث : قد استدل الفقهاء بقوله تعالى : (فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ) ونظائره من الآيات الدالة على لزوم المماثلة في الاعتداء بلزومها أيضا في الجنايات والضمانات.
الرابع : إنّ قوله تعالى : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) يدل على حرمة الإقدام على ما يخاف الإنسان على نفسه أو عرضه أو ماله. وأما المجاهدة مع أعداء الدّين فهي ليست من الإلقاء في التهلكة لما فيها من المصالح الواقعية