«اللهم اغفر للمحلّقين ـ قالها ثلاثا ـ». والمراد بهم في الحج والعمرة ، وإنّما قال (صلىاللهعليهوآله) ذلك لأنّ أكثر من حج معه (صلىاللهعليهوآله) لم يكن معهم هدي فلما حلق من كان معه هدي ، وأمر النبي (صلىاللهعليهوآله) من لم يكن معه هدي أن يحلق. ولكنّهم اثروا البقاء على إحرامهم ، فتدارك النبي (صلىاللهعليهوآله) ذلك منهم بالدعاء لهم.
والرأس : معروف ويكنّى به عن أعلى كلّ شيء ، وعن الرئيس أيضا.
والمعنى : ولا تحلّوا بالحلق فإنّ الشارع جعل الحلق أول الإحلال حتى يبلغ الهدي محلّه المقرّر شرعا ، وقد حددته السنة الشريفة بأنّه منى إن كان حاجا ، وإن كان معتمرا فمحلّه مكة وفناء الكعبة أو حزورة.
ويستفاد من الآية المباركة : أنّ للهدي محلا معينا لا يصح أن يذبح في غيره ، إلا أنّ السنة حدّدته بمنى أو مكة ، كما عرفت.
قوله تعالى : (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ).
الأذى : ما يصل إلى الإنسان من المكروه في نفسه أو جسمه أو تبعاته. وكذا بالنسبة إلى مطلق الحيوان.
ولهذه المادة استعمالات كثيرة في القرآن الكريم ، فقد ورد استعمالها بالنسبة إلى الله عزوجل ورسوله أيضا ، قال تعالى : (يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ) [الأحزاب ـ ٥٣] ، وقال تعالى : (لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللهُ) [الأحزاب ـ ٦٩].
والفاء للتفريع على الحكم السابق الدّال على النهي عن حلق الرأس فيكون المراد بالمرض خصوص المرض في الرّأس الناشئ من ترك الشّعر وعدم الحلق ، ومن مقابلته للأذى يستفاد أنّ الأخير حاصل من غير المرض ، كالهوام وغيره ، ففي الحديث : «إنّ رسول الله (صلىاللهعليهوآله). مر على كعب بن عجرة الأنصاري والقمل يتناثر من رأسه ، فقال رسول الله (صلىاللهعليهوآله) أيؤذيك هوامك؟ قال : نعم ـ الحديث ـ».