الحادي عشر : أنّ في قوله تعالى : (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ) إشارة إلى تحقيق المساواة ، وترك التفاخر ، ولزوم الجماعة ، وللإعلام بأنّ الإفاضة شرع قديم وإرشاد إلى اختيار الإفاضة المشروعة المبنية على السكينة والوقار دون غيرها.
الثاني عشر : يستفاد من تكرار الأمر بالذّكر خمس مرّات شدة عناية الله بخلقه ، وذلك بالحضّ والترغيب بفعل الأصلح ، وإرشادهم إلى القيام بما هو كثير الفائدة والجزاء لهم فأمرهم بالذّكر في هذه المواطن الكريمة والأزمنة الشريفة.
الثالث عشر : إنّما شبّه ذكره تبارك وتعالى بذكر الآباء ، لأنّ أكثر الناس لا يغفلون عن ذكر الآباء والتفاخر بهم ، بل لا يخلو اجتماع بين أفراد الإنسان من التفاخر بما يرونه من الكمال ، ولم يكن جهة كمال في العصور الجاهلية إلا ذكر الآباء والأنساب والتفاخر بها فأرشدهم سبحانه إلى الأحسن والأصلح ، وهو ذكره تعالى لما فيه من النفع العظيم والأجر الجزيل. والترديد إنّما هو بلحاظ اختلاف التّقوى وتفاوتها في مراتب الذّكر ، فمنهم من يقنع بالذّكر كذكر الآباء ، ومنهم من يكون أشد.
الرابع عشر : أنّ في قوله تعالى : (وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) لطفا ظاهرا وإعلاما بأنّ اجتماع الحجيج في المواطن الشريفة وإفاضتهم منها إنّما هي حشر مصغر لا بد أن يتذكر منه الحشر الأكبر ، وهو حشر الناس إلى الله تعالى.