وأما العمرة : فقد دلّت على وجوبها السنة كما ذكرناها في الفقه ، وتكفي عمرة التمتع عن العمرة الواجبة ويكون كلّ منهما مندوبا بالذات ويجبان بالعارض من نذر ونحوه.
الثاني : أنّ قوله تعالى : (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ) يدل على أنّ مطلق المنع من إتمام الحج والوصول إلى بيت الله الحرام لأداء المناسك سواء كان السّبب عدوّا أم مرضا أم غير ذلك يوجب تبدل الحكم بالنسبة إلى المحصور مطلقا وأنّ قوله تعالى : (فَإِذا أَمِنْتُمْ) لا تكون قرينة على أنّ المراد هو الحصر من العدوّ بل هو عام يشمل الأمن من رفع المانع ، ولكن تكرّر في الروايات أنّ المحصور غير المصدود فالأول هو المريض والثاني هو الذي يرده المشركون كما صدوا النبيّ (صلىاللهعليهوآله) عن الحج عام الحديبية.
والظاهر : أنّ الحصر متعلّق بالحج والعمرة كليهما فلا اختصاص له بالأول فقط لأنّه ذكر عقيبهما فيرجع إليهما معا.
الثالث : يدل قوله تعالى : (حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) أنّ للهدي محلّا معيّنا لا يجوز ذبحه في غيره ، ولكنّه تعالى أجمل ذلك وقد حدّدته السنة المقدّسة بمكة المكرمة أو منى ، ونظيره قوله تعالى : (هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ) [الفتح ـ ٢٥].
ويستفاد من الآية الشريفة : أنّه لا يجوز الحلق والتحلّل من الإحرام (حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) سواء ذبح أم لا ويدلّ عليه صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عليهالسلام) : «سألته عن رجل أحصر فبعث الهدي قال : يواعد أصحابه ميعادا إن كان في الحج فمحلّ الهدي يوم النّحر فإذا كان يوم النحر فليقص من رأسه ولا يجب عليه الحلق حتى تنقضي مناسكه وإن كان في عمرة فلينتظر مقدار دخول أصحابه مكة والساعة التي يعدهم فيها ، فإذا كان تلك الساعة قصّر وأحلّ» وعليه فلو ظهر خلاف المواعدة وأنّ أصحابه لم يكونوا قد ذبحوا عنه أصلا أو ذبحوه بعد تحلّله فإنّه لا شيء عليه ، ويدلّ على ذلك صحيحة معاوية بن عمار أيضا عن الصادق (عليهالسلام) : «فإن