ومن أراد مزيد الاطلاع فليراجع ما ضبطه العامة في شأن هذا الرّجل العظيم يعترف بصدق ما قلناه. ولنعم ما نسب إلى الخليل حيث قال : «أخفى أعاديه فضائله حسدا ، ولم يبدها أحبّاؤه خوفا ، ومع ذلك ظهرت كالنجم اللامع يشرق للكلّ».
وقد وردت عدة روايات بطرق مختلفة أنّ هذه الآية المباركة نزلت في عليّ (عليهالسلام) حين بات على فراش النبيّ (صلىاللهعليهوآله) لما أرادت قريش قتله (صلىاللهعليهوآله) ، وسيأتي في البحث الرّوائي بعضها.
ومن تأمل في أحوال عظماء العالم وأكابره يرى أنّه لا قصور فيهم من وجه إلا عدم استعداد الظروف وقصورها عن إبراز مقاماتهم العلميّة والعمليّة وجهات فضائلهم ، ومع ذلك فقد أفنوا جميع شؤونهم وحيثياتهم في سبيل الله تعالى والإنسانية.
فكما أنّ الطبيعة تظهر بالتدريج أسرارها وكنوزها كذلك تكون كنوز الحقائق من أفراد البشر تظهر بالتدريج بل التسرّع في الظهور مع عدم ملائمة الظروف وعدم استعداد المظروف تضييع لها كما هو معلوم ، ولذا ورد في علامات انبساط الحق والعدل الحقيقي أنّ الله تعالى يتمّ عقول العباد ويكمل أحلامهم لئلّا يستهان بالحجة ويوضع من قدره ، وليس إرسال الرّسل وبعث الأنبياء في زمان سيطر فيه الجهل والظلم إلا نورا في الظّلمات تنتفع به الأجيال اللاحقة ، وللبحث تتمة تأتي إن شاء تعالى في الموضع المناسب.