الْقِيامَةِ) [آل عمران ـ ٧٧] ، فإنّه يكون بمعنى إنزال الرّحمة ورفع العذاب لأنّه من صفات فعله المقدّس.
وفي المقام يكون بمعنى الانتظار ، أي ينتظرون هذا الأمر وقضاءه فيهم.
والظّلل جمع ظلة : وهي ما يتستّر به ، وسمي السحاب والغمام بذلك. ولم يرد لفظ «ظلل» في القرآن الكريم إلا في أربعة مواضع وجميعها كناية عن التهويل والعظمة ، كما هو المستفاد في استعمال هذا اللفظ في المحاورات.
والغمام : السحاب الأبيض الرّقيق سمّي به لأنّه يغمّ أي يستر ، والمشهور بين المفسرين القول بالمجاز والحذف في مثل الآية فإما أن يكون المحذوف (العذاب) بقرينة قوله تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُهُ بَياتاً أَوْ نَهاراً ما ذا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ) [يونس ـ ٥٠] ، وحذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه كثير في المحاورات الفصيحة.
أو يكون أمره تعالى بقرينة قوله جل شأنه : (أَتى أَمْرُ اللهِ) [النحل ـ ١] ، وقوله تعالى : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ) [النحل ـ ٣٣] ، وغير ذلك مما يصح إضماره ، ولا بد من المصير إلى ذلك ـ كما هو كثير في القرآن الكريم ـ فيما لا تلائم نسبته إلى ذاته الأقدس. والكلّ يرجع إلى إرادته المقدّسة.
والملائكة عطف على اسم الجلالة أي : تأتي الملائكة الموكلة بقضائه.
ولعلّ الحذف وإسناد الفعل إلى الذات إنّما هو لأجل أن يعمّ الجميع وليذهب المخاطب إلى أيّ مذهب ممكن ولزيادة التوعيد والتخويف.
ويمكن أن تكون الآية المباركة على المعنى الحقيقي من دون إضمار شيء في الموردين ، أي يأتي الله تعالى وتأتي الملائكة. ويكون المراد من الظّلل من الغمام الحجب كما ورد في الحديث : «إنّ لله تعالى سبعين ألف حجاب من نور وسبعين ألف حجاب من ظلمة لو كشفت لأحرقت سبحات وجهه كلّ ما انتهى إليه بصره» فيكون مفاد مثل هذه الآية المباركة عبارة عن