(عليهمالسلام) إنّما هي تكميل الإنسان وبيان سبل السعادة له ورفع الاختلاف الذي هو من غرائز الإنسان بعد أن لم يتمكن العقل والفطرة بانفرادهما بتوجيه الإنسان إلى ذلك ، وقد خلق الله تعالى الإنسان وهو يحب الكمال ويسير نحو الاستكمال ، والله تعالى هو الذي اعتنى بهداية كلّ شيء إلى تمام خلقه وكماله المعدّ له ، قال تعالى : (رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى) [طه ـ ٥٠] ، ولا شيء أكمل من أن يهتدي الإنسان إلى سعادته وكماله في الدنيا والعقبى ، فهو يرسل الرسل والأنبياء لتكميل الإنسان وجلب السعادة له.
الرابع : تعلق المشيئة بهداية عبد من عباده غير معلوم لغيره تعالى ، فلا يمكن أن يحيط بالخصوصيات غيره جلّت عظمته ، وكذا بالنسبة إلى تعلق المشيئة بضلالة أحد من عباده.
الخامس : يستفاد من الاقتصار على الصّراط المستقيم في قوله تعالى : (وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) أنّه هو الهداية الحقيقية الأبدية التي لا نفاد لها ، وأنّه أعلى مراتب الهداية ، بل هو الغاية القصوى لكلّ مؤمن ، وهو أعظم وسام يمنحه الله عزوجل لمن يشاء من عباده يتعزّز به في الدنيا ويرفع به إلى الدّرجات العليا في العقبى ، وقد ذكرنا ما يتعلّق به في سورة الحمد ، فراجع.
وذكر لفظ (من) الظاهر في ذوي العقول من باب التغليب لا الحصر.
السادس : الحكم نحو من الإيجاد وهو إما خارجي أو اعتباري وفي قوله تعالى : (لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ) هو الثاني ، والإيجادي منه يختص بالله جلّت عظمته ، وهو يشمل جميع الموجودات بجواهرها وأعراضها ومجرداتها ، فإن جميع مخلوقاته تحت حكمه الشامل للسّماوات والأرض. وأما التشريعي ففي القرآن الكريم والسنة الشريفة منه شيء كثير.