الرابع : يدل قوله تعالى : (أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ) على أنّ عند شدة البلاء يكون النّصر ، وتدل عليه أحاديث من السنة الشريفة منها قوله (صلىاللهعليهوآله) : «عند تناهي الشدة يكون الفرج».
الخامس : لم يذكر سبحانه درجات الجنة ومقاماتها لعدم تناهيها ولأنّها تختلف باختلاف مراتب المبتلين بالبأساء والضّرّاء.
وإذا كان هذا حال من أراد الوصول إلى الجنان فكيف حال من أراد الوصول إلى ساحة الرّحمن وظهور تجلياته عزوجل فالطريق يكون أصعب ، والامتحان أشد ، فلا بد من ترك ما سواه والتوجه إلى من لا يقصد الملأ الأعلى إلا إياه ، والتفاني في حبّ الله تعالى ، ومراقبة النفس في جميع الأحوال.
ألاحظه في كلّ شيء رأيته |
|
وأدعوه سرّا بالمنى فيجيب |
ملأت به سمعي وقلبي وناظري |
|
وكلّي وأجزائي فأين يغيب |
السادس : إنّ قوله تعالى : (أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ) يتضمّن قاعدة عقلية عرفانية ، وهي محبة الخالق لخلقه ، والمعبود الحيّ القيوم لعباده ، واستباق العلّة التامة لمعلولها ، وتربيبه العظيم لجميع جهات العبد بذاته وأعراضه ، وقد أثبت أهل الفلسفة العملية أنّ هذا الشوق تكويني ، كما فصّلوا ذلك في مباحث النفس ، وشرح المقام يأتي في مستقبل الكلام إن شاء الله تعالى.