الوصول إلى غرضهم. وفيه إيماء إلى غاية جهدهم في ذلك. كما أنّ فيه البشرى بأنّهم لا يستطيعون مهما جهدوا في ذلك فإنّ الحق لا يزول فقد نزل من السّماء وله دولة ، وإن كان للباطل جولة.
قوله تعالى : (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ).
الارتداد والردة : الرجوع إلى الطريق الذي جاء منه ، والرّدّة في الدّين : الرّجوع من الإيمان إلى الكفر.
ومادة (حبط) تأتي بمعنى الفساد والهلاك والبطلان ، وغالب استعمالاتها في القرآن إنّما هو بالنسبة إلى الآثار المترتبة على الأعمال في نظر الشرع ، قال تعالى : (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) [الزمر ـ ٦٥] ، وقال تعالى : (أُولئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) [آل عمران ـ ٢٢].
وفي الآية تهديد للمرتد ، ومن يرجع عن دينه إلى الكفر ببطلان أعماله في الدنيا من حيث الأحكام الظاهرية المترتبة على الإيمان ، كحقن دمه وموالاة المؤمنين له ، وغير ذلك. وفي الآخرة باعتبار الجزاء والثواب الأخروي لأنّه مشروط بالموافاة على الإيمان.
قوله تعالى : (وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ).
تهديد آخر للمرتد بالخلود في النار لفرض تحقق الكفر ، والارتداد منه.
٢١٨ ـ قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هاجَرُوا).
مادة (أمن) تأتي بمعنى الطمأنينة وزوال الخوف ، وكذا الأمان والأمانة ، وقد تستعمل اسما ، والفارق القرائن. وهذه المادة في هذه الهيئة (آمنوا) استعملت في القرآن الكريم فيما يقرب من مأتين وستين موردا غالبها مقرون بالمدح والثناء لكثرة عناية الله تعالى بالمؤمنين.
والهجرة تعني : مفارقة الإنسان غيره بالبدن أو اللسان ، أو القلب والمهاجرة : متاركة الإنسان غيره ، ولها درجات أعظمها المهاجرة من الباطل