يكون إلا بالمجاهدة ، وقوله تعالى : (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى) [النجم ـ ٤٠] ، وقوله تعالى : (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا) [العنكبوت ـ ٦٩] ، شرح لحقيقة ما عليه نظام العالم وبيان لواقع مصير بني آدم في النشأتين ، ومرآة لما هو عليه في الحالتين ، هذا في سلسلة الاستكمالات الاختيارية ، وهكذا بالنسبة إلى سلسلة الاستكمالات التكوينية غير الاختيارية التي لا تتم إلا بالجهد الأكيد الشديد ولذا سمي هذا العالم بعالم التغيّر والكون والفساد ، فالجهاد والمجاهدة داخلان في السلسلتين ، ومصيرهما إلى الله تعالى : (أَلا إِلَى اللهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ) ومبدؤهما هو الله عزوجل أيضا.
قوله تعالى : (أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللهِ).
أولئك خبر للذين. أي إنّهم يطلبون رحمة الله تعالى في الدنيا والآخرة وهي محيطة بهم بسبب أعمالهم الصالحة ، فيكون طلبهم طلبا عمليّا لا مجرّد اعتقاد الرّجاء والرّغبة إليه.
ويستفاد من هذه الآية أنّ رحمة الله لا تنال إلا بالعمل الصالح والمجاهدة في مرضاته.
قوله تعالى : (وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
تثبيت لرجائهم ، ووعد منه عزوجل بتحقق رجائهم. أي : والله يغفر لهم سيئاتهم السابقة ، ورحيم بهم من حيث أعمالهم الصالحة.