الثاني : ما إذا حصلا من مباد عقلية اعتقادية لكنّها غير مبنية على كراهة الله عزوجل ورضائه ، ويتحقق ذلك غالبا في العلوم النظرية ، فإنّ المتأمل فيها يرى أنّ أحدهم يستدل على شيء بدليل عقلي ، ويستدل الآخر بدليل عقلي آخر على نقيض الأول مع أنّ الواقع لا خلاف فيه ولا اختلاف ، وأهل الشهود والعرفان يبطلون جميع ذلك ويجعلونه حجابا عن الوصول إلى الواقعيات.
إن قيل : على هذا لا وجه لاختلاف الفقهاء مع أنّ علمهم في الواقع وعن الواقع.
يقال : الاختلاف إنّما هو في كيفيات الاستظهار عن الواقع.
الثالث : ما إذا حصلا عن مباد عقلية مقررة بالشريعة الإلهية المحيطة بالجميع إحاطة واقعية ، وهذا هو المناط فيما ينفع للآخرة بل الدنيا أيضا نفعا واقعيا لا وهميّا ، وهذا النوع مبرّأ عن الاختلاف والتغيير.
ويمكن أن تكون الأمور تختلف باختلاف الأفراد بحسب ما ذكرنا ، فإنّ بعضهم يعد القتال في سبيل الله تعالى سعادة ليست فوقها سعادة ، وإنّ بعضهم يكرهونه لأجل أنّه فناء للنفوس والأموال ، كما ذكرنا.