والثبات ، وهو عامل من عوامل النصر والغلبة ، قال تعالى : (وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللهِ ما لا يَرْجُونَ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً) [النساء ـ ١٠٤].
ولقد ورد ذكر الرّجاء في مواضع متعدّدة من القرآن الكريم ، واعتبره من الأخلاق الفاضلة التي ينبغي للمؤمن أن يتحلّى بها ، بل اعتبره من أجزاء الإيمان ، قال تعالى : (فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) [الكهف ـ ١١٠] ، وقد أدرجه الأنبياء والمرسلون (عليهمالسلام) في جملة ما يدعون إليه ، قال تعالى : (وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) [العنكبوت ـ ٣٦] ، وقد نوّه الجليل عزوجل بعظيم فضله حيث وعد المؤمنين الصالحين تحقيق رجائهم ، قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللهِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ) [فاطر ـ ٢٩] ، ويعرف كمال أهميته أنّ الحرمان منه يعد عند الله تعالى استكبارا ، قال تعالى : (وَقالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرى رَبَّنا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيراً) [الفرقان ـ ٢١] ، وقد أوعد من لا يرجو لقاء الله بعظيم العذاب ، قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا وَرَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَاطْمَأَنُّوا بِها وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا غافِلُونَ أُولئِكَ مَأْواهُمُ النَّارُ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) [يونس ـ ٧] ، كما أهمله عزوجل ، قال تعالى : (فَنَذَرُ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) [يونس ـ ١١] ، ولذلك كان اليأس ـ الذي هو ضد الرجاء ـ من المعاصي الكبيرة التي توجب البعد عن الله سبحانه ، والانحراف عن الصراط ، قال تعالى : (قالُوا بَشَّرْناكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ مِنَ الْقانِطِينَ* قالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ) [الحجر ـ ٥٥ ـ ٥٦] ، وقد ورد في السنة الشريفة أخبار كثيرة تبيّن فضله ، يأتي ذكر بعضها في ضمن هذا البحث.
ولا تختص هذه الفضيلة بالإسلام بل يعتبر الرجاء ثانية الفضائل الثلاث عند المسيحيين ، وهي الأمانة ، والرجاء ، والمحبّة ، وهو عندهم فضيلة عظمى