وأول الإسلام ، ولأنّ الإنفاق يشوبه ما لا يرتضيه الرّب ، وما لا يليق بالإنفاق المحمود ، فاقتضى ذلك تكراره وبيان الخصوصيات بكلمات جامعة تبيّن جميع جوانبه.
وفي الآية روعة الأسلوب ، وجمال في اللفظ والمعنى تؤثر في النفس فيرغب الإنسان عند سماعها إلى الإنفاق ، وبذل المال ، واعتباره سهلا يسيرا وإن كان ما أنفق مالا كثيرا ، وتحصل حالة انبساط للغني والفقير ، والجواد والبخيل ، وهي تدعو المنفق إلى إمعان النظر فيما ينفقه والمنفق عليه وأصل الإنفاق.
وسياق الآية مثل قوله تعالى : (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) [الحج ـ ٧٨] ، وقوله تعالى : (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) [البقرة ـ ١٨٥].
قوله تعالى : (كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ).
الآيات جمع آية ، وهي العلامة الظاهرة الملازمة لظهور شيء آخر ، فإذا أدركت الآية أدرك ذلك الشيء أيضا. وبعبارة أخرى الآية دليل ظاهر لمدلول يظهر بها بعد إدراكها ، كما هو شأن جميع العلل الإثباتية. وجميع ما في القرآن من الأحكام الإلهيّة والآثار الوضعية علامات واضحة وأدلة قاطعة لمداليل تظهر بها بعد التأمل والتفكر. كما أنّ شعاع الشمس علامة لإثبات وجودها كذلك جميع الموجودات آيات كونية على وحدانية الله تعالى وحكمته وكماله.
وفي كلّ شيء له آية |
|
تدل على أنّه واحد |
وكتابه التشريعي مطابق لكتابه التكويني من هذه الجهة ، فيكون جميع ما سواه من آيات جماله وجلاله وكبريائه ، والعوالم في كتابه التكويني كسور القرآن في الكتاب التشريعي. وأما كتابه الأنفسي ـ أي الإنسان الكامل ـ الجامع بين كتابيه التكويني والتشريعي ، ففيه من الآيات والحكم ما لا يخفى.