قوله تعالى : (أُولئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللهُ يَدْعُوا إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ).
بيان لحكمة هذا الحكم. والإسلام في (أُولئِكَ) إشارة إلى المشركين والمشركات المذكورين آنفا.
يعني : أنّ المشركين من شأنهم الدّعوة إلى ما يوجب الدخول إلى النار لاعتقادهم الباطل وسلوكهم طريق الشرك والضلال وقد رسخت فيهم رذائل الصفات ، وتربّوا على سوء الأخلاق فعميت أبصارهم عن الحق والحقيقة فهم يرشدون إلى الضّلال ويدعون إلى أسباب النار قولا وعملا فيجب الاجتناب عنهم والحذر منهم لا سيّما في الحياة الزوجية التي هي من أقوى الأسباب في انتقال صفات أحد الزّوجين إلى الآخر فيكون له الأثر السيّئ على هذه المعاشرة ويوجب الشقاء والدّمار وهذا على نقيض ما يرتجى من هذه المعاشرة.
وأما المؤمنون فهم على خلاف المشركين فإنّهم بسلوكهم مسلك الإيمان واعتقادهم الصّحيح ، واستكمالهم بمكارم الأخلاق ، فهم يدعون إلى ما يوجب الدخول إلى المغفرة والجنة قولا وعملا بإذن الله تعالى وهو الذي هداهم إلى الإيمان وإلى ما يوجب الدخول إلى الغفران والجنان ، فتكون دعوتهم ودعوة الله تعالى متطابقتين وكلتاهما توجبان المغفرة والجنة.
وفي الآية كمال العناية بالمؤمنين ، وفيها دلالة على أنّ المؤمنين يرجعون في دعوتهم وفي جميع شؤونهم إلى الله تعالى ولا يستقلّون في شيء.
أو لأنّ الله تعالى يدعو إلى المغفرة والجنة بما يشرعه من الأحكام التي تكون لمصلحة الإنسان وتهديه إلى السعادة ، فقد أمرهم بمخالطة من يتقرّب بهم إلى الله تعالى وردع عن عشرة من يكون في عشرته البعد عن ساحة الرّحمن فهي دعوة منه عزوجل إلى المغفرة والجنة ويشير إلى ذلك ذيل هذه الآية الشريفة.
قوله تعالى : (وَيُبَيِّنُ آياتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ).