الثاني : أنّ قوله تعالى : (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) يدل ـ أي هذه الجملة المركبة من الشرط والجزاء ـ على أنّ المناط هو ثبوت الشهر وحضوره حقيقة وذلك برؤية الهلال ، أو تقديرا فيما إذا لم يمكن ذلك. وهو لا يدل على أنّ من حضر شطرا من شهر رمضان لا بد له من الإتمام ولو كان مسافرا.
الثالث : أنّ قوله تعالى : (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ) تأكيد لما ذكره عزوجل من سقوط الصوم عن المريض والمسافر دفعا للشكوك والأوهام. وإنّما ذكر السفر مع الظرف دون المرض ، لأنّ الثاني من قبيل الوصف بحال الذات ، والأول من قبيل الوصف بحال المتعلق فيصح بذلك اختلاف التعبير بينهما.
الرابع : أنّ تكملة العدة في شهر رمضان تتحقق بالصيام بين الهلالين ـ أي هلال رمضان وهلال شوال ـ ومع الخفاء فثلاثين يوما كما رواه الفريقان عن نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) : «الصوم للرؤية والفطر للرؤية» ، وعن عليّ (عليهالسلام) : «صم للرؤية وأفطر للرؤية ، فإن خفي عليكم فأتموا الشهر الأول ثلاثين يوما».
الخامس : أنّ قوله تعالى : (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) يدل على أنّ الملاحظ اليسر والعسر النوعيان منهما لا الشخصيان فلا يرد عليه أنّنا نرى تخلّف ذلك في الصوم وجدانا ، لأنّ الشخص المكلّف إنّما يستفيد من هذه العبادة روحا وجزاء أكثر مما يبذله من الجهد.
السادس : لم يذكر في القرآن الكريم قضاء عبادة إلا حكم قضاء شهر رمضان في قوله تعالى : (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ). ويستفاد منه فروع فقهية كثيرة مذكورة في الكتب الفقهية.