فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ) [التوبة ـ ٥٢] ، وقال تعالى : (أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ) [الطور ـ ٤٠] ، وقال تعالى حكاية عن شأن المنافقين : (يُنادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قالُوا بَلى وَلكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمانِيُّ حَتَّى جاءَ أَمْرُ اللهِ وَغَرَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ) [الحديد ـ ١٤] ، إلى غير ذلك من الآيات المباركة ، والمراد به في المقام مطلق المكث والتأمل.
ولم يضف سبحانه وتعالى التربص إليهنّ كما في آية الطلاق : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) [البقرة ـ ٢٢٨] ، ولا إليهم لعدم اختصاص ذلك بأحدهما بل هو شامل لكلّ واحد منهما ومشترك بينهما.
أي : أنّ هذه المدة حق ثابت لهما لا يطالب فيها الفيئة أو الطلاق بل هي أمد مضروب للمباشرة والمقاربة.
قوله تعالى : (فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
الفيء : الرجوع إلى حالة محمودة. أي : إن رجعوا عن حلفهم إلى احقاق حق المرأة والوفاء بما أوجب الله تعالى عليهم من حقّها يغفر الله تعالى لهم لأنّ الله غفور رحيم.
والحلف على ترك المباشرة والوطي للإضرار بها مخالف لأمر الله تعالى ، فيغفر الله عزوجل هذه المخالفة بواسطة رجوعه الذي يعتبر كالتوبة ولكن ذلك لا يوجب سقوط الكفارة لأنّها لتدارك المنقصة ـ الحاصلة من عمل غير المرغوب شرعا ـ سواء كانت ذنبا أو نحوه.
٢٢٧ ـ قوله تعالى : (وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).
العزم والعزيمة : إرادة إيجاد الشيء جامعا للشرائط المعتبرة فيه ، أي إن أوقعوا الطلاق فإنّ الله سميع لأقوالهم ـ ومنها الإيلاء والطلاق ـ عليم بأحوالهم ومكنون أسرارهم ، ويستفاد من الآية المباركة تفضيل الفيئة والرجوع على الطلاق حيث وعد لهم المغفرة والرحمة إن فاؤا.