أخرت عنك الإجابة ليكون ذلك أعظم لأجر السائل ، وأجزل لعطاء الآمل ، وربما سألت الشيء فلا تؤتاه وأوتيت خيرا منه عاجلا أو آجلا ، أو صرف عنك لما هو خير لك فلربّ أمر قد طلبته فيه هلاك دينك لو أوتيته فلتكن مسألتك فيما يبقى لك جماله وينفى عنك وباله ، والمال لا يبقى لك ولا تبقى له».
وعن أبي عبد الله (عليهالسلام) : «قال رسول الله (صلىاللهعليهوآله) قال الله عزوجل : من سألني وهو يعلم أنّي أضرّ وأنفع استجبت له» ، وذلك لأنّ إجابة دعاء الداعين لا بد أن تكون على طبق الحكمة البالغة والعناية التامة المحيطة بالحقائق كلياتها وجزئياتها لا على طبق مشتهيات الداعين والسائلين ، قال تعالى : (وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) [البقرة ـ ٢١٦]. فإنّ الإنسان كثيرا ما يهتم بشيء حتى إذا ما تحقق وجده ضارا أو يكره شيئا حتى ما إذا تحقق وجده نافعا ، وهذا وجداني محسوس لدى كل فرد فالدعاء بما يتخيله الإنسان أنّه نافع شيء وما هو الواقع الذي في علمه تعالى شيء آخر. فإنّ التسرّع في إجابة الدعاء وقضاء الحوائج بلا تأمل في اللوازم والملزومات والآثار نقض في الحكمة وهو محال بالنسبة إليه تعالى. نعم نفس الدعاء والمسألة من سنن العبودية ولا بد من تحققها من العبد ، وأما الاستجابة فهي منوطة بالحكمة البالغة والعلم الأزلي.
الرابع : أن يكون المراد خيرا ممكنا بأن لا يكون من المحالات الذاتية أو العادية ، ومما لا نفع له أو مما يضرّ بحال الآخرين ، أو نهى عنه الشارع ونحو ذلك ، فإنّ مثل هذا الدعاء مما لا يستجاب وذلك لأنّ الله تعالى : «أبى أن يجري الأمور إلا بأسبابها». وقد تقدم في أحد المباحث السابقة أنّ المستحيلات وإن كانت تحت قدرته تعالى ولكنّه عزوجل لم يفعلها لاستلزامه نقض الحكمة ، ففي الحديث عن علي (عليهالسلام) : «اثنوا على الله عزوجل وامدحوه قبل طلب الحوائج يا صاحب الدعاء لا تسأل ما لا يحل ولا يكون».
وفي الكافي عن أبي الحسن الرضا (عليهالسلام) : «لا تمل من الدعاء