من الإبل اثنين هما الجمل والناقة (وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ) هما الثور وأنثاه البقرة.
(قُلْ) إفحاما في أمر هذين النوعين أيضا (آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ) الله ـ تعالى ـ منهما ، (أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ) من ذينك النوعين؟
قال الآلوسى : والمعنى ـ كما قال كثير من أجلة العلماء : إنكار ان الله ـ تعالى ـ حرم عليهم شيئا من هذه الأنواع الأربعة ، وإظهار كذبهم في ذلك وتفصيل ما ذكر من الذكور والإناث وما في بطونها للمبالغة في الرد عليهم بإيراد الإنكار على كل مادة من مواد افترائهم ، فإنهم كانوا يحرمون ذكور الأنعام تارة ، وإناثها تارة. وأولادها كيفما كانت تارة أخرى ، مسندين ذلك كله إلى الله ـ سبحانه ـ.
ثم قال : وإنما لم يل المنكر ـ وهو التحريم ـ الهمزة ، والجاري في الاستعمال أن ما نكر وليها لأن ما في النظم الكريم أبلغ.
وبيانه ـ على ما قاله السكاكي ـ أن إثبات التحريم يستلزم إثبات محله لا محالة ، فإذا انتفى محله وهو الموارد الثلاثة لزم انتفاء التحريم على وجه برهاني. كأنه وضع الكلام موضع من سلم أن ذلك قد تم ، وطالبه ببيان محله كي يتبين كذبه ، ويفتضح عند الحاجة.
وإنما لم يورد ـ سبحانه ـ الأمر عقيب تفصيل الأنواع الأربعة ، بأن يقال : قلءآلذكور حرم أم الإناث أما اشتملت عليه أرحام الإناث ، لما في التكرير من المبالغة أيضا في الإلزام والتبكيت» (١).
وقوله ـ تعالى ـ (أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللهُ بِهذا) تكرير للإفحام والتبكيت.
أى : أكنتم حاضرين حين وصاكم الله وأمركم بهذا التحريم؟ لا ، ما كنتم حاضرين فمن أين لكم هذه الأحكام الفاسدة؟.
فالجملة الكريمة تبكتهم غاية التبكيت على جهالاتهم وافترائهم الكذب على الله ، والاستفهام في قوله ـ تعالى ـ (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ) للنفي والإنكار.
أى : لا أحد أشد ظلما من هؤلاء المشركين الذين يفترون على الله الكذب بنسبتهم إليه ـ سبحانه ـ تحريم ما لم يحرمه لكي يضلوا الناس عن الطريق القويم بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير.
__________________
(١) تفسير الآلوسى ج ٨ ص ٤١.