أين ابن يامين؟ قالوا : سرق مكيال الملك ، فحبسه عنده ، فاسأل أهل القرية والعير حتّى يخبروك بذلك ، فاسترجع يعقوب واستعبر حتّى تقوّس ظهره (١) ، فقال يعقوب : (يا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ)(٢) ، فخرج منهم نفر وبعث معهم بضاعة (٣) وكتب معهم كتابا إلى عزيز مصر يعطفه على نفسه وولده.
فدخلوا على يوسف بكتاب أبيهم ، فأخذه وقبّله وبكى ، ثمّ أقبل عليهم فقال : (هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ)(٤)؟ قالوا : أأنت يوسف؟ قال : (أَنَا يُوسُفُ وَهذا أَخِي)(٥) ، وقال يوسف : (لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ)(٦) ، (اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا) بلّته دموعي (فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي) ، (وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ)(٧).
فأقبل ولد يعقوب عليهالسلام يحثّون السير بالقميص ، فلمّا دخلوا عليه قال لهم : ما فعل ابن يامين؟ قالوا : خلّفناه عند أخيه صالحا ، فحمد الله عند ذلك يعقوب وسجد لربّه سجدة الشكر واعتدل ظهره ، وقال لولده : تحمّلوا إلى يوسف من يومكم ، فساروا في تسعة أيّام إلى مصر ، فلمّا دخلوا اعتنق يوسف أباه ورفع خالته ، ثمّ دخل منزله وأدهن ولبس ثياب الملك ، فلمّا رأوه سجدوا شكرا لله ، وما تطيّب يوسف في تلك المدّة ولا مسّ النساء حتّى جمع الله ليعقوب عليهالسلام شمله (٨).
__________________
(١) إلى هنا رواه العيّاشيّ في تفسيره ٢ : ١٨١ / ٤٢ مع بعض الزيادات عن أبي بصير عن أبي جعفر عليهالسلام وعنه في بحار الأنوار ١٢ : ٣٠٥ / ١١٤ وتفسير نور الثقلين ٢ : ٤٣٨ / ١١٢.
(٢) يوسف : ٨٧.
(٣) في «ر» «س» «ص» والبحار : (ببضاعة).
(٤) يوسف : ٨٩.
(٥) يوسف : ٩٠.
(٦) يوسف : ٩٢.
(٧) يوسف : ٩٣.
(٨) عنه في بحار الأنوار ١٢ : ٢٨٧ / ٧١ ، وقد مرّ في الصفحة السابقة تخريج العياشي إلى ما رواه.