وأمّا حجيّة الظنّ على الحكومة فهي بهذا العنوان ليست مسألة أصولية. نعم ، كلّي حجيّة الظنّ على الانسداد مسألة اصولية ؛ لأنّ حجّيّته على الكشف يستنبط منه حكم شرعي ، وبناء على الحكومة ليس كذلك. ويكفي في كون المسألة اصولية ترتّب الاستنباط على أحد شقوقها كما هو واضح.
فالظاهر صحّة تعريف علم الاصول بما عرّفه الجماعة ، ولا حاجة إلى تعريف الآخوند قدسسره ولا إلى إضافته (١) ؛ لما عرفت من أنّ ما كان من المسائل الأصوليّة فهو داخل ، والخارج ليس منها.
نعم ، هناك شبهة معروفة ملخّصها أنّه لو اريد من المسألة الممهّدة ما يستنبط منها الحكم بلا واسطة فليس ثمة مسألة تكون اصوليّة ؛ لأنّ مسألة من المسائل الفقهية إنّما تستنبط من عدّة مسائل اصوليّة لا من مسألة واحدة. وإن اريد ما يستنبط منها ولو مع الواسطة فكثير من مسائل النحو والصرف والمنطق داخل في المسائل الأصوليّة ؛ لأنّها أيضا يتوقّف الاستنباط عليها.
والجواب أنّ المراد أنّ المسائل الأصوليّة كلّ مسألة هي ممّا يمكن أن يترتّب عليها استنباط الحكم بلا أيّ واسطة ، مثلا حجيّة خبر الواحد مسألة يمكن أن يستنبط منها حكم شرعي ، كما إذا صرّح بوجوب شيء وأنّ تاركه مخلّد في النار ، فلا يتوقّف على كون الأمر للوجوب أم لا ؛ لمعلوميّة كونه مريدا للوجوب بغير الأمر ، ولا يتوقّف على حجيّة الظواهر بأن نفرضه نصّا ، مضافا إلى أنّ حجيّة الظواهر ليست مسألة اصوليّة ، إذ لا مناقشة في حجيّة الظواهر ، وإنّما وقع الخلاف في بعض خصوصيّاتها ، مثل كونها حجّة للمشافه أو الأعمّ ، وأنّها حجّة حتّى مع قيام الظنّ بخلافها أم لا ، وحجّة حتّى في ظواهر الكتاب أم لا ؛ لأنّه ليس بظاهر أو أنّه ظاهر ولكنّه لم يرد ظاهره. ولا إلى باب التعادل والترجيح ؛ لفرضه لا معارض له وهكذا.
__________________
(١) كفاية الاصول : ٢٣.