وثانيا أنّه أيضا لا بدّ له من جامع ؛ إذ لولاه كيف يكون الوضع عاما؟ إذ لا بدّ من جامع له يتصوّر كي يتمّ كون الوضع عاما.
وبالجملة ، لا بدّ من القول بجامع.
وللميرزا النائيني تقريب (١) في الاستغناء عن الجامع ملخّصه : أنّ اللفظ موضوع للفرد الذي هو في أعلى مراتب الصحّة والكمال ، وإطلاقه على غيره ممّا كان صحيحا كصلاة الجلوس للعاجز من باب تنزيله ادّعاء منزلة الواجد ، لمشابهته في الأثر وهو الصحّة ، كما أنّ إطلاقه على الفاقد لبعض الأجزاء والشرائط ممّا كان فاسدا للمشابهة في الصورة مجازا ، فيكون اللفظ موضوعا لخصوص مرتبة واستعماله في الباقي مجاز لادّعاء كونه فردا من أفراده مجازا بناء على مذاق السكاكي (٢). وحينئذ فترتفع ثمرة النزاع ؛ إذ لا يمكن التمسّك بالإطلاق للشكّ في تنزيل الشارع الفاقد منزلة الواجد ولا نحتاج إلى جامع.
ولا يخفى عليك ما فيه أمّا أوّلا : فلأنّ هذا خلاف الوجدان ؛ لأنّا نرى أنّ إطلاقه على الكامل والناقص بنحو واحد ولا يحتاج إلى قرينة فيهما معا ، ثمّ نرفع هذا الذي نراه شيئا فشيئا حتّى ينتهي إلى المعصوم وزمانه.
وأمّا ثانيا : فلأنّ المرتبة الكاملة ذات أفراد مختلفة ، فإنّ المرتبة الكاملة لصلاة الوتر ركعة ولصلاة الصبح ركعتان ولصلاة المغرب ثلاث ركعات وللعشاء أربع ركعات وللآيات عشر ركوعات فلا بدّ حينئذ من جامع على هذا القول أيضا.
ثمّ إنّ الصحيح الذي يدّعى الوضع له ليس هو الصحيح من جميع الجهات ، بل الصحّة من حيث الجمع لأجزاء المسمّى وشرائطه ، وأمّا عدم النهي عنه أو عدم المزاحم له أو قصد القربة فليس داخلا في الصحيح (لا لما ذكره الميرزا قدسسره (٣)
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٥٢ ـ ٥٣ ، أمّا الأولى فتصوير الجامع.
(٢) مفتاح العلوم : علم البيان ، الفصل الثالث في الاستعارة : ١٥٦.
(٣) أجود التقريرات ١ : ٥٥.