من الاستحالة ؛ لأنّ الأمر بالشيء وعدم النهي عنه وكذا الأمر به إنّما هو بعد انتهاء تسميته كما ذكره ، فإنّه فاسد ؛ لإمكان لحاظ هذه الأشياء في مقام وضع الاسم ، فإنّ الموضوع له لا بدّ أن يكون موجودا في مقام اللحاظ لا في الخارج ، بل لأنّ الاسم إنّما يوضع بإزاء المعنى العرفي ، والمعنى العرفي يصدق على واجد هذه الأمور وفاقدها) (١) ، فليس المراد من الصحيح الصحيح من جميع الجهات كما هو واضح ؛ إذ بناء عليه لا ينبغي أن يتكلّم القائل بالصحيح في أنّ الأمر بالشيء يقتضي النهي عن الضدّ أو لا يقتضي أو أنّ النهي عن العبادة يقتضي فسادها أم لا.
وكيف كان ، فلا بدّ على كلا القولين من جامع. وقد ذكر صاحب الكفاية قدسسره (٢) تصوير الجامع على الصحيح بدعوى اشتراك جميع أفراد الصحيح في الأثر المستفاد من قوله تعالى : (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى ...)(٣) وغيرها من الأخبار ، وبقاعدة استحالة صدور الواحد من المتعدّد لا بدّ من جامع بينها يكون هو المؤثّر لذلك الأثر ، وعدم الاطلاع عليه لا يضرّ في جامعيّته ، فنشير إليه بلوازمه وعناوينه فنقول : إنّ الجامع هو عنوان الناهية عن الفحشاء والمنكر. وادّعى عدم تحقّق استحالة تصويره على الأعمّ ؛ لعدم اشتراكها في الأثر كي ننتقل إنّا إلى المؤثّر وهو الجامع (٤).
ولا يخفى عليك ما فيه :
أمّا أولا فلأنّ الجامع يلزم أن يكون أمرا يعرفه العامّة ليحمل عليه عند الإطلاق والشكّ ، وهذا الجامع لا يعرفه العامّة ؛ لتوقّفه على استحالة صدور الواحد من المتعدّد.
__________________
(١) ما بين القوسين من اضافات بعض الدورات اللاحقة.
(٢) كفاية الأصول : ٣٩.
(٣) العنكبوت : ٤٥.
(٤) كفاية الاصول : ٤٠.