وأمّا ثانيا فلأنّ المستحيل هو صدور الواحد الشخصي من المتعدّد لا الواحد العنواني كما في المقام.
وأمّا ثالثا فلأنّ الأثر إنّما يترتّب على خصوصيات الأفراد من التسليم على ركعتين مثلا في الصبح وعلى ثلاث في المغرب وهكذا ، ولو كان على الجامع لم يكن للخصوصيّات أثر.
وأمّا رابعا فإنّ ما ذكره إنّما يتمّ على تقدير أن يكون المراد من الصحيح هو الصحيح الفعلي ؛ إذ هو الذي يكون مؤثّرا للأثر ، وليس كذلك لما تقدّم. وإذا أراد بالصحيح ما كان قابلا لأن يكون صحيحا دخل كثير من الفاسد فثبت مدّعى الأعمّ ، فإنّ الصلاة من جلوس فاسدة للقادر إلّا أنّها قابلة لأن تكون صحيحة كما إذا مرض ، وصلاة الظهر حضرا ركعتين فاسدة إلّا أنّها قابلة لأن تكون صحيحة إذا سافر أو كانت صادرة من مسافر.
ثمّ إنّ هذا الجامع إمّا أن يكون مركبا وهو محال ؛ إذ المركب بالنسبة إلى الشخص المأمور به صحيح وبالنسبة إلى من أمر بأزيد أو أنقص منه فاسد ، وإما أن يكون بسيطا وهو أيضا لا يعقل تصوّره في صلاة واحدة ؛ لاشتمالها على النيّة التي هي من الكيف النفساني والقراءة التي هي من الكيف المسموع والركوع الذي هو من مقولة الوضع ، واستحالة أخذ الجامع الحقيقي لمقولتين غير محتاج إلى البيان.
(وأمّا خامسا فلأنّ الأثر إنّما يترتّب على الصحيح المأمور به الغير المنهي عنه والغير المزاحم بواجب أهمّ ، فإنّه الذي ينهى عن الفحشاء والمنكر ، ومن المعلوم أنّ الصحيح الذي هو محلّ الكلام لا تعتبر فيه هذه الخصوصيّات كما مرّ) (١) ، وحينئذ فمعنى قوله : (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ)(٢) أنّ الصلاة تنهى
__________________
(١) ما بين القوسين من اضافات بعض الدورات اللاحقة.
(٢) العنكبوت : ٤٥.